بيلسان

............

02 April, 2007

جارات فضوليات!

ابراهيم جابر ابراهيم
العرب اليوم

لي صديق كلما زرته وضغطت على جرس الباب كنت اسمع ضجيجاً خلف باب الشقة المقابلة; وحين سألته مرة عن ذلك ضحك طويلاً وقال: جارتنا تجيء راكضة لتنظر من العين السحرية لتعرف من هم زوارنا, وتتناوب على"العين المتلصصة"مع اولادها وبناتها!
لم أفاجأ, لنا جارة كذلك.. قلت له, كلما زارتنا تستدرج أطفالي في السؤال عن راتبي, وان كنت قد أخذت قرضا اضافيا, وكم بقي من أقساط السيارة, وهل زوجتي حامل؟ وإن كانت الاجابة بـ"لا" فما هو المانع.. و"عسى ما شرّ؟"!!
ثمة عائلات كاملة تقتات كل ليلة على اخبار الجيران : ماذا طبخوا؟ أين خرجوا؟ لماذا تشاجروا؟ ويتراهن الأولاد إن كانت ثلاجتهم"شارب"أم" دايو"!ويحسم الأب الجدل بأن يكلف"البنت الوسطى"بأن تستطلع نوع الثلاجة غداً!!
بعض الناس تحسهم يقرفصون على كتفك للتأكد من المتحدث على الطرف الآخر, ويفتعلون التجهم إن تجهمت أو يجاملونك بضحكة إن ضحكت... ثم لا يملكون انفسهم فيسألون بتردد : "خير.. مين كان معك؟"!...ثم, كأنما صاروا طرفاً في المكالمة : "آه.. عن جد؟.. شو كان بدّو؟"!ا
لناس كلها تتذمر من هذا الفضول, ولكنها تمارسه بتلذذ, فالمريض الذي يقرر له الطبيب أن ينام في المستشفى; وبمجرد أن يدخل الغرفة, وقبل أن يحضروا له باكيت الفاين وزجاجة الماء,وقبل أن يتمدد على سريره, يتوجه بالسؤال للمريض الذي بجانبه: "سلامات.. ان شاء الله بسيطة؟ شو اللي صاير معك؟"!..
والسائق الذي يقف لك يسألك مباشرة عن السائق الذي اعتذر لك : "ماله.. ليش ما أخذك؟"!
أما الجارة الجديدة فلا تنتظر حتى تنزل أثاثك كاملاً للبيت الجديد, وتتسلل من بين العمال لتسأل زوجتك وعيناها تتفقدان غرفة النوم قبل تركيبها : "عدم المؤاخذه.. شكلو اكبر منك.. قصدي ابو.. البركه ابو ايش اسمه؟.. شكلو اكبر منك؟"!!
والذين يستخدمون الباصات لتنقلاتهم يستطيعون أن يقصّوا عليك أطرف القصص عن فضول الركاب...فاذا أخرجت من جيبك معاملة رسمية سيتطوع الجالس بجانبك لقراءتها; وقد تفاجأ به ينبهك الى ان الموظف نسي أن يختمها لك, ويضيف :"انزل هلا قبل ما تبعد.. وارجعله خلّه يختمها"!
اذا كنت ضجراً فسينصحك بالاسترخاء واذا كنت مسترخيا فسيتهمك بأنك بلا هموم واذا كنت مهموماً فأنت من وجهة نظره نكد ولا تستجيب لـ"مشروع صداقته"!! وقد تسمع ضحكاً قادماُ من كرسيٍ خلفك فتكتشف أن راكباً وراءك يشاركك الفرجة على البوم الصور الذي بين يديك!
أما في معرض للملابس; مكتظ بالقطع والمقاسات والألوان, فجرّب أن تنظر خلفك... مباشرة ستجد متسوقاً ينتظر أن تعيد القطعة التي بيدك ليلتقطها, وهو مستعد أن ينتظر لربع ساعة أحياناً متشاغلاً بأنه يتحدث على الموبايل... لكنه في الحقيقة تجاهل كل محتويات المعرض ويريد أن يعاين القطعة التي لفتت انتباهك!
في المرة الأخيرة... حين زرت صاحبي حرصت أن تكون في فمي قطعة علكة كبيرة, وقبل أن أقرع الجرس كنت وضعتها على"العين الفضولية"لباب الشقة المقابلة!.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home