"نقوط" العرسان قرض "مؤجل" الدفع ودين يتعين سداده
أحمد التميمي
إربد -
انتظر عاطف عبيدات بفارغ الصبر ليلة العمر التي جاءت بعد طول عذاب، فجلس وسط مشاعر متناقضة تنتابه وتجول في خاطره؛ بين فرحة الأهل والأصدقاء وهم يعقدون حلقات الدبكة والسامر احتفاء بزفافه الميمون، وبين ثقل الديون التي تكبدها جراء مستلزمات الزواج.
ولم يكن يدر في بال عاطف أن هذه الليلة ستكون "مفتاح الفرج" لجميع مشاكله الاجتماعية والمالية على حد سواء؛ فقد حصل على شريكة العمر ومكنه "النقوط" الذي انهال عليه من الإيفاء بالتزاماته تجاه الدائنين بعدما قضى سنواته العشر في تكوين نفسه وإيفاء متطلبات الزواج، إذ اضطر الى استئجار منزل الزوجية وتأثيثه وشراء جميع المستلزمات الخاصة بالزواج بالأقساط الشهرية.
وتتبلور فكرة "النقوط" في قرى إربد لتكون بمثابة مساعدة للعروسين في بداية حياتهما أو لإدخال السرور في نفسيهما، وتبقى دينا في ذمة العروسين تجاه أقاربهما أو أصدقائهما إلى أن يقوما برده.
وينتظر عاطف الهدايا المالية من أقاربه وأصدقائه ليسدد بها بعض أقساط الأجهزة الكهربائية التي اشتراها أو ليسدد بها بعض دينه وتوفير متطلبات ما اعتبره نقصا في أثاث المنزل.
عادة متجذرة ما زالت متداولة في قرى اربد؛ مفادها "نقوط" العرسان بعد الزواج والتي تسهم في حل مشاكل الدّين الذي ابتلى فيه العريس بعد زواجه والتي تعتبر نوعًا من أنواع التكافل الاجتماعي، فهو يشبه إلى حد كبير القرض المؤجل الدفع!!، حيث تبقى هذه الهدايا دينا على العروسين حتى يقوما بردها.
ويعد عاطف النقوط "حصن أمان للزوجين" في الأيام الأولى إلى أن يتمكنا من ترتيب حياتهما وفق ميزانيتهما الخاصة. يقول إن "تأثيث المنزل قد استنزف كل ما ادخرته من مال، وما يمكن أن أشتريه بنظام التقسيط المريح أيضًا، وكان ما يزال أمامي بعض الأشياء الصغيرة التي لا يمكن تأخيرها".
وأحصى عاطف حصيلته من "النقوط" التي بلغت حوالي 3 آلاف دينار، بينما حصلت زوجته على 1500 دينار. وأضاف كان يمكن أن نصرف هذا المبلغ شيئًا فشيئًا في تسديد أقساط أو أي شيء آخر، "لكنني صممت على أن أشتري لها سِوارًا ذهبيا وسلسلة لتحتفظ بهما طول العمر".
وتلفت العروس مريم التي تبلغ من العمر 25 عامًا إلى أن ذكريات "النقوط" تبقى عالقة في ذهن العروس طول العمر، وبخاصة هدايا الصديقات. وراحت تعدد هدايا صديقاتها التي تحرص على أن تضعها في مكان بارز في منزلها لتذكرها دائمًا بأول زيارة لهذه الصديقة أو تلك.
وتشير الى إحدى صديقاتها التي أهدتها بيتا زجاجيا من الزهور المجففة؛ لأنها كانت تعرف مدى حبها لهذه الزهور، فيما أهدتها صديقات أخريات فناجين للشاي والقهوة اشتركن في شرائها من النوع الثمين.
أما سهى التي تعمل في إحدى المدارس فقد استمرت خطبتها ثلاث سنوات، وفي النهاية قرر والدها إتمام الزواج من دون استكمال أثاث الشقة بالكامل. وتؤكد أنه بعد مرور أربع سنوات على الزواج ما زالت تتذكر الحديث الذي دار بينها وبين إحدى زميلاتها في المدرسة عن الشيء الذي تحتاجه ويمكنهن شراءه لها كهدية. وبصعوبة، تقول سهى، "أسريت لها عن حاجتي إلى غطاء للفراش لأن زواجي كان في الشتاء". وبالفعل كانت هدية زميلاتها غطاءً غالياً اشتركن جميعًا في شرائه.
أما نجلاء، فكانت تدرك تمامًا أنها لن تستطيع أبدًا قضاء الصيف في إحدى القرى السياحية، رغم أن ذلك كان حلم حياتها، لكنها حصلت بعد زواجها على مبلغ من المال من عائلتها وعائلة زوجها ونصحتها أمها أن تشتري به غسالة كهربائية، لكنها فضلت أن تقضي بالمبلغ إجازة في قرية سياحية.
وتحرص العائلات والأصدقاء والأقارب في مدينة اربد على جعل "نقوط" العريس والعروس نقديا في حالة الزواج. ويعتبرون ذلك نوعًا من أنواع التكافل الاجتماعي الذي يشبه إلى حد كبير القرض المؤجل الدفع.
ويختلف "النقوط" من مكان لآخر ومن عائلة لأخرى بدءا من المال والسكر والزيت ومرورًا بالأدوات الكهربائية والأغطية وانتهاء بالحلي.
ويشبه مالك الصمادي الذي تزوج قبل 5 سنوات كثرة المناسبات في فصل الصيف بـ "الطامة" الكبرى"، من حفلات زواج وأعياد وتخريج وغيرها.
ويضيف الصمادي أن كثرة المناسبات في فصل الصيف تحتاج الى ميزانية شهرية ولاسيما إذا تزوج شخصان من عائلة واحدة، إذ نضطر في بعض الأشهر إلى الاستدانة، وخصوصا وان لا أحد يستطيع التخلف عن هذه المجاملة أو هذه العادة الاجتماعية، لأنها على حد تعبيره "سلف ودين".
وفي قرى اربد يكون مقدار ما تحصل عليه العروس من "نقوط" مثار حديث أهل زوجها لشهور طويلة، فإذا كان ما حصلت عليه يفوق ما حصل هو عليه يصبح ذلك مدعاة لفخرها، وإذا حدث العكس فإن عليها أن تتحمل "استهتار أهل زوجها بها ومعايرتهم لها بفقر عائلتها أو بخلها"، كما يرى مسنون.
ويستذكر السبعيني الحاج عبد القادر العلي أجواء "النقوط" في السابق، إذ كانت تهدى العروس "طشتية" غلة. والطشتية وعاء كبير واسع يملأ بالقمح أو الأرز.
ويقول إن أهالي القرية كانوا يحرصون على ما يسمى (بعشا العريس)، وهو عبارة عن معكرونة وشعيرية وطيور غير مذبوحة الغرض منها أن تبدأ العروس بتربيتها لتكون بداية لتكوين أعشاش حمام وبط وغيرها في البيت الجديد.
ويضيف العلي أن العريس والعروس كانا في السابق يدونون أسماء من قاموا بمجاملتهما وعدد ما دفعوه من نقود؛ لأنها دين يجب رده.
وتبدأ طقوس النقوط في قرى اربد من ليلة الحنة التي تجلب فيها الهدايا للعروس وتحمل لها صديقاتها بعض المشغولات التي يصنعنها بأنفسهن
وتمثل المشاركة في الاحتفالات بالرقص والغناء من الأصدقاء في التعليلة يوم الحنة ويوم العرس دينًا يُرد في مناسبات مقبلة، على اعتبار أن كل شيء "قرضة ودين حتى دموع العين".
ولم يكن يدر في بال عاطف أن هذه الليلة ستكون "مفتاح الفرج" لجميع مشاكله الاجتماعية والمالية على حد سواء؛ فقد حصل على شريكة العمر ومكنه "النقوط" الذي انهال عليه من الإيفاء بالتزاماته تجاه الدائنين بعدما قضى سنواته العشر في تكوين نفسه وإيفاء متطلبات الزواج، إذ اضطر الى استئجار منزل الزوجية وتأثيثه وشراء جميع المستلزمات الخاصة بالزواج بالأقساط الشهرية.
وتتبلور فكرة "النقوط" في قرى إربد لتكون بمثابة مساعدة للعروسين في بداية حياتهما أو لإدخال السرور في نفسيهما، وتبقى دينا في ذمة العروسين تجاه أقاربهما أو أصدقائهما إلى أن يقوما برده.
وينتظر عاطف الهدايا المالية من أقاربه وأصدقائه ليسدد بها بعض أقساط الأجهزة الكهربائية التي اشتراها أو ليسدد بها بعض دينه وتوفير متطلبات ما اعتبره نقصا في أثاث المنزل.
عادة متجذرة ما زالت متداولة في قرى اربد؛ مفادها "نقوط" العرسان بعد الزواج والتي تسهم في حل مشاكل الدّين الذي ابتلى فيه العريس بعد زواجه والتي تعتبر نوعًا من أنواع التكافل الاجتماعي، فهو يشبه إلى حد كبير القرض المؤجل الدفع!!، حيث تبقى هذه الهدايا دينا على العروسين حتى يقوما بردها.
ويعد عاطف النقوط "حصن أمان للزوجين" في الأيام الأولى إلى أن يتمكنا من ترتيب حياتهما وفق ميزانيتهما الخاصة. يقول إن "تأثيث المنزل قد استنزف كل ما ادخرته من مال، وما يمكن أن أشتريه بنظام التقسيط المريح أيضًا، وكان ما يزال أمامي بعض الأشياء الصغيرة التي لا يمكن تأخيرها".
وأحصى عاطف حصيلته من "النقوط" التي بلغت حوالي 3 آلاف دينار، بينما حصلت زوجته على 1500 دينار. وأضاف كان يمكن أن نصرف هذا المبلغ شيئًا فشيئًا في تسديد أقساط أو أي شيء آخر، "لكنني صممت على أن أشتري لها سِوارًا ذهبيا وسلسلة لتحتفظ بهما طول العمر".
وتلفت العروس مريم التي تبلغ من العمر 25 عامًا إلى أن ذكريات "النقوط" تبقى عالقة في ذهن العروس طول العمر، وبخاصة هدايا الصديقات. وراحت تعدد هدايا صديقاتها التي تحرص على أن تضعها في مكان بارز في منزلها لتذكرها دائمًا بأول زيارة لهذه الصديقة أو تلك.
وتشير الى إحدى صديقاتها التي أهدتها بيتا زجاجيا من الزهور المجففة؛ لأنها كانت تعرف مدى حبها لهذه الزهور، فيما أهدتها صديقات أخريات فناجين للشاي والقهوة اشتركن في شرائها من النوع الثمين.
أما سهى التي تعمل في إحدى المدارس فقد استمرت خطبتها ثلاث سنوات، وفي النهاية قرر والدها إتمام الزواج من دون استكمال أثاث الشقة بالكامل. وتؤكد أنه بعد مرور أربع سنوات على الزواج ما زالت تتذكر الحديث الذي دار بينها وبين إحدى زميلاتها في المدرسة عن الشيء الذي تحتاجه ويمكنهن شراءه لها كهدية. وبصعوبة، تقول سهى، "أسريت لها عن حاجتي إلى غطاء للفراش لأن زواجي كان في الشتاء". وبالفعل كانت هدية زميلاتها غطاءً غالياً اشتركن جميعًا في شرائه.
أما نجلاء، فكانت تدرك تمامًا أنها لن تستطيع أبدًا قضاء الصيف في إحدى القرى السياحية، رغم أن ذلك كان حلم حياتها، لكنها حصلت بعد زواجها على مبلغ من المال من عائلتها وعائلة زوجها ونصحتها أمها أن تشتري به غسالة كهربائية، لكنها فضلت أن تقضي بالمبلغ إجازة في قرية سياحية.
وتحرص العائلات والأصدقاء والأقارب في مدينة اربد على جعل "نقوط" العريس والعروس نقديا في حالة الزواج. ويعتبرون ذلك نوعًا من أنواع التكافل الاجتماعي الذي يشبه إلى حد كبير القرض المؤجل الدفع.
ويختلف "النقوط" من مكان لآخر ومن عائلة لأخرى بدءا من المال والسكر والزيت ومرورًا بالأدوات الكهربائية والأغطية وانتهاء بالحلي.
ويشبه مالك الصمادي الذي تزوج قبل 5 سنوات كثرة المناسبات في فصل الصيف بـ "الطامة" الكبرى"، من حفلات زواج وأعياد وتخريج وغيرها.
ويضيف الصمادي أن كثرة المناسبات في فصل الصيف تحتاج الى ميزانية شهرية ولاسيما إذا تزوج شخصان من عائلة واحدة، إذ نضطر في بعض الأشهر إلى الاستدانة، وخصوصا وان لا أحد يستطيع التخلف عن هذه المجاملة أو هذه العادة الاجتماعية، لأنها على حد تعبيره "سلف ودين".
وفي قرى اربد يكون مقدار ما تحصل عليه العروس من "نقوط" مثار حديث أهل زوجها لشهور طويلة، فإذا كان ما حصلت عليه يفوق ما حصل هو عليه يصبح ذلك مدعاة لفخرها، وإذا حدث العكس فإن عليها أن تتحمل "استهتار أهل زوجها بها ومعايرتهم لها بفقر عائلتها أو بخلها"، كما يرى مسنون.
ويستذكر السبعيني الحاج عبد القادر العلي أجواء "النقوط" في السابق، إذ كانت تهدى العروس "طشتية" غلة. والطشتية وعاء كبير واسع يملأ بالقمح أو الأرز.
ويقول إن أهالي القرية كانوا يحرصون على ما يسمى (بعشا العريس)، وهو عبارة عن معكرونة وشعيرية وطيور غير مذبوحة الغرض منها أن تبدأ العروس بتربيتها لتكون بداية لتكوين أعشاش حمام وبط وغيرها في البيت الجديد.
ويضيف العلي أن العريس والعروس كانا في السابق يدونون أسماء من قاموا بمجاملتهما وعدد ما دفعوه من نقود؛ لأنها دين يجب رده.
وتبدأ طقوس النقوط في قرى اربد من ليلة الحنة التي تجلب فيها الهدايا للعروس وتحمل لها صديقاتها بعض المشغولات التي يصنعنها بأنفسهن
وتمثل المشاركة في الاحتفالات بالرقص والغناء من الأصدقاء في التعليلة يوم الحنة ويوم العرس دينًا يُرد في مناسبات مقبلة، على اعتبار أن كل شيء "قرضة ودين حتى دموع العين".
0 Comments:
Post a Comment
<< Home