بيلسان

............

22 June, 2006

اختراق احتكار إي آر تي يقهر شيخها الصالح



لم يحتج المغاربة لدفع مئات الدراهم قصد تتبع مباريات مونديال ألمانيا 2006 ، فقد عثروا علي الوصفة السحرية أو الكود الكفيل بفك رموز عدد من القنوات الأوروبية.
في البيوت، كما في المقاهي، توفرت الفرجة الكروية بالمجان تقريبا (أي لقاء بضعة دراهم). وبالتالي، ذهبت المحاولات التي بذلها مالك باقة إي آر تي الشيخ صالح كمال أدراج الرياح! ذلك أنه قال للمسؤولين المغاربة: لن أتعامل معكم سوي بمنطق التاجر.
ولن أتنازل ولو عن ملّيم واحد.
قيل له: يا أخي! نحن عرب، وبيننا وبين بلدكم روابط عديدة. وأنتم أثرياء، ونحن دون ذلك! فأجاب محدثيه: لن تظفروا مني بأية أثمان تفضيلية، وحتي لو أردتم بث ملخصات للمباريات فما عليكم إلا أن تدفعوا مليون دولار عن كل عشرين دقيقة.
هنا تدخل ملك البلاد ليحفظ ماء وجه العباد، ومكّن الشعب المغربي من مشاهدة أربع مباريات (مباراة الافتتاح ومباراتا نصفي النهائي ومباراة الاختتام) عبر شاشة التلفزيون المغربي.ولكن الخبراء المحليين في فك الشيفرات كانوا يشتغلون في صمت ويسابقون الزمن من أجل إتاحة الفرجة للجميع.
ونجحوا بالفعل في ذلك، وخسر الشيخ صالح صفقته مع المغاربة، كما خسر من قبل صفقة بناء منتجع سياحي بضواحي مدينة أغادير، وتحوّل شهر العسل المهني الذي جمعه بشريكه المغربي إلي نزاع تتداول فيه المحاكم.ونكاية بصنيع الشيخ، وعملا بمبدأ التضامن وحســــــن الجوار، قام مواطنون جزائريون ببيع بطـــــاقات إي آر تي لأشقائهم المغاربة علي الحدود بين البلدين ـ والعهدة علي صحيـــــــفة الأحداث المغربية ـ وذلك ضمن تجارة السلع المهربة النشيــــــــطة هذه الأيام هناك (فليرتح زميلي توفيق رباحي الذي أدان عبر هذه الزاوية سلوك صاحب البقالة مع أولي الأمر والنهي عندنا، ذلك أن الشعبين المغربي والجزائري ما يفوتوش بعضهم ـ لا يُهملون بعضهم البعض ـ في الأفراح والأقتراح، والتاريخ شاهد علي ذلك).
ومثلما خسرت قناة إي آر تي الرهان، خسرته أيضا شركة الهاتف المحلية، عندما تعاملت بدهاء مع حدث المونديال ، واستغلت الفرصة للترويج لمنتوجها الجديد: مشاهدة القنوات الفضائية عن طريق الخطوط الهاتفية عوض صحون الالتقاط، والمقابل: 500 درهم (حوالي 50 دولارا) في الشهر زيادة علي المصاريف الإضافية المتعلقة بالوسائل التقنية الضرورية للاستفادة من تلك الخدمة. وهو ما دفع صحيفة البيضاوي الأسبوعية إلي طرح الافتراض التالي: ماذا لو اشترت اتصالات المغرب حقوق بث بعض مقابلات المونديال، وقدمتها هبة لمشتركيها، هذه هي المبادرة الوطنية التي ستكبر بها تلك الشركة في عيون المغاربة، وليس استغلال هذا الحدث الكروي العالمي، لبيع حق المشاهدة.ودائما في إطار أجواء المونديال ، شدّت انتباه كاتب هذه السطور طريقة تعامل قناة الجزيرة مباشر مع الحدث، إذ ركزت علي تصوير جماهير وهي تشاهد بعض المباريات في إحدي الساحات العمومية.
نتساءل فقط: فِيمَ يُفيد تصوير شباب ومراهقين واقفين وبيدهم أقداح مشروبات كحولية، ويضحكون ويتسلّون في ما بينهم؟والشيء بالشيء يذكر، يبدو أن القناة القطرية تورطت بإحداث خدمة المباشر ، ذلك أنها لا تجد في كثير من الأحيان ما تملأ به فقراتها، فتبث مواد ضعيفة من حيث المحتوي، هزيلة من حيث الشكل، إذ يتم تصويرها بكاميرا واحدة تظل غالبا جامدة ومركزة علي وجه أحد المتحدثين، فيما يظهر أشخاص آخرون يشوّشون علي مجال الرؤية!علي صعيد آخر، الظاهر أن الجزيرة مباشر خلقت لنفسها مشكلة أو مطبا عندما بثت أعمال المؤتمر الافتتاحي لحزب مغربي جديد يحمل اسم الحزب العمّالي المغربي .
فمن الآن فصاعدا، سيطالب أي حزب يعقد مؤتمرا ما بحقه في التغطية والمتابعة الإعلامية، وإلا اتهمتْ الجزيرة بالتحيز والانتقائية وتفضيل هذا الحزب علي ذاك وما لا حد ولا حصر له من التهم والأوصاف! عندها فقط سيردد مسؤولو الجزيرة : لماذا ورطنا أنفسنا أصلا في هذا الهم الذي نحن في غني عنه؟ .
أما عن فتاوي الشيخ صالح الذي لم تنفع بركاته مع المغاربة، نختم به وبما جاء في إحدي خرجاته الأخيرة، فقد استغل اجتماع الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة بالإسكندرية ليفتح النار علي مَن نعتهنّ بمطربات الغرائز، مستدلا علي ذلك بهيفاء وهبي. هكذا، أزاح الشيخ عنه لبعـض الوقت بذلة التاجر مستـــــغلاً الفرص، وارتدي جُبَّة الواعظ الذي غمرته مشاعر روحـــــانية علي حين غرة، فأفتي بعدم صلاحية القنوات الفضائية التي تقدم أغاني الفيديو كليب الخليعة.لن نقيس فتوي الشيخ بما تقدمه القنوات الفضائية التي يشرف عليها، لكن بودنا لو تفضل بحلّ هذا اللغز: كيف تجمع باقته التلفزيونية بين قناة إسلامية وأخري تقدم أغاني وأفلاما من الصنف الذي ينتقده هو؟ تماما مثلما هو حاصل لدي شريكه الوليد بن طلال الذي يشرف علي قناة من صنف هزّ يا وز وأخري للتقوي والورع؟
الطاهر الطويل/ عن القدس العربي
كاتب من المغرب

0 Comments:

Post a Comment

<< Home