بيلسان

............

21 February, 2007

لا يا سماحة الشيخ!



احسستُ بعمق الأسي وحدَته عند سماعي ما صرِح به سماحة شيخ الأزهر مؤخراً، والذي سبق أن قال الشيء الكثير فيما مضي وفي مناسبات عِدة تعارضت مع مشاعر الناس واحاسيسهم وفيها الخروج عن مكانته الدينية بعد أن وضع السياسة وألاعيبها ومناوراتها قبل الدين الحنيف الذي لا التواء فيه ولا تورية إلا أن ما قاله سماحته لا يمكن السكوت عنه بحكم منصبه لا شخصه، وأنظارنا دوماً تتجه نحو مصر الشقيقة الكبري عند كل ما تتعرض له امتنا من تحديات واستفزازات.
وما الشرقُ إلا اسرةٌ او قبيلةٌ تلُمُ بنيها عند كل مُصاب فالمسجد الأقصي في رأي سماحته هو مسؤولية فلسطينية وعليهم تقع مسؤولية الدفاع عنه.لقد أوصلنا سماحته في حديثه المشؤوم هذا الي قاع البئر، وما كنت اظن أن الانتهازية السياسية والانبطاح السياسي والنفاق السياسي قد وصلت به إلي هذا المستوي كان عليه أن يتصدي لكل ما أوتي من ايمان وقوة لا أن يضع رأسه كالنعامة في الرمل.
عيب يا شيخ! فما أنت رجل دين بل سياسي مراوغ حفاظاً علي مركزك وامتيازاته. ماذا ستقول سماحتكم لا ســـــمح الله لو قامت اسرائيل بهدم الأقصي أظن أنك ستلتزم الصمت لا أكثر!نسي أو تناسي سماحته أن الحائط الغربي للحرم الشريف هو جزء من الحرم الشريف الذي هو ملكٌ للمسلمين وليس للفلسطينيين.
صحيح أن أبناء فلسطين من طلابٍ وعمال وفلاحين وقادة أحزاب هبُوا في 23 آب (اغسطس) 1929 (ثورة البراق) لحماية الأقصي، فإذا كان علي رأس الجموع الحاشدة آنذاك الشيخ حسن أبو السعود، فها هو اليوم الشيخ رائد صلاح علي رأس المجاهدين من أجل الأقصي وحرمته.إن الاسلام دين تسامح ومحبه، ويعترف ويحترم الأديان التي سبقته بأنبيائها وأتباعهم، وكانت تجري في فلسطين في كل عام مواسم دينية في اطار من الاحترام للأديان دون هيمنة الواحد علي الآخر موسم النبي موسي وموسم اسبوع الآلام عند المسيحيين الشرقيين، وموسم المنطار في غزة، وموسم النمل في المجدل كلها تعود لعهدي صلاح الدين والمماليك وقد سُمح في عهد سليمان القانوني لليهود الفارين من اسبانيا والبرتغال باللجوء إلي طبريا وصفد وممارسة شعائرهم الدينية بحرية تامة وقد عبَرت تركيا صديقة اسرائيل وصديقة الأمة العربية عن عدم قبولها لما يجري من حفريات بجدار المسجد الأقصي.
فإذا كان يا صاحب السماحة طول حائط البراق 156 قدما وارتفاعه 56 قدما، وعندك لا طول له ولا ارتفاع فهو بطول الأمة العربية من محيطها إلي خليجها، وارتفاعه في انفس الشعب المصري العظيم أعلي بكثير من هرم خوفو.فالشعوب العربية والاسلامية تقول لا يا سماحة الشيخ، فالمسجد الأقصي الذي باركنا حوله ، هـــــو مسؤولية العرب والمسلمين من جميع انحاء المعمورة وفــــي مقـــــدمتها المحروسة التي نحبها أرضاً وشعباً، ونحــــترم قادة الفكر والسياسة والدين فيها بدءاً برأس السلطة السياسية إلي الفـــــلاح البسيط في قريته.
من أجل تذكير سماحتكم فلربما العمر قد خانكم أو أن الحياة بماديتها قد بهرتكم، ففي صيف عام 1930 وصلت لجنة دولية إلي القدس برئاسة قاضٍ سويدي وعضوية قاضيين هولندي وسويسري، وأصدرت اللجنة تقريرها ورفعته إلي عصبة الأمم واعترفت فيه بحقوق المسلمين في البراق الشريف وصحة ملكيتهم له ونفت مزاعم اليهود وما ادَعوه من حقوق لهم في البراق للمسلمين وحدهم (ولم يقل للفلسطينيين وحدهم) تعود ملكية الحائط الغربي، ولهم الحق العيني فيه لكونه جزءاً لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف، للمسلمين أيضاً تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربه.... مؤسسة الدراسات بيروت 1968.
وكما اعتبر الملك عبدالله الثاني هذه الاجراءات انتهاكا صارخا لحرمة الأقصي وتهديداً لسلامته ، فإنني أقول لقطبي الصراع من أجل السلطة الوهمية الورقية بأن لا سلام بدون القدس، ولا دولة بدون القدس وكما قال الحسين رحمه الله الرمز الحقيقي للسلام هو القدس وعودتها عربية هو المعبر الوحيد لصدق الدَاعين إلي السلام في المنطقة .فالقدس مسؤوليتك يا سيدي، ومسؤولية المحروسة بقيادتها وشعبها وأحزابها وأقباطها ومسلميها هي مسؤولية الأردن ملكاً وحكومة وشعباً هي مسؤولية حامي الحرمين الشريفين هي مسؤولية الجمهورية العربية السورية قيادة وشعباً هي مسؤولية الجمهورية الايرانية الاسلامية هي مسؤولية العالم العربي والإسلامي علي حد سواء.
واستعيد قراءة ما قاله ابن مصر الشاعر أحمد شوقي، والحال هي الحال ولا حول ولا قوة إلا بالله تغير المسجد المحزون واختلفتعلي المتابر احرارٌ وعبدانُ فلا الآذان آذانٌ في منارتهاذا تعالي ولا الآذان آذان
د. جهاد البرغوثي
كاتب من فلسطين

0 Comments:

Post a Comment

<< Home