لماذا صمتت الحكومة المصرية علي سجن وتعذيب المواطنة هدي عجمي؟
نطالب بنزع الاشراف السعودي علي المقدسات بعد أن أهين بداخلها المسلمون
د. رفعت سيد أحمد / القدس العربي
23/11/2006
23/11/2006
مع نشر هذا المقال، يكون قد مر قرابة الشهر علي واقعة تعذيب وسجن المواطنة المصرية (هدي محمود محمد عجمي) علي أيدي السلطات السعودية في انتهاك واضح لحقوق الانسان، وحتي اليوم، لم تتحرك وزارة الخارجية المصرية، كعادتها، وصمت وزير خارجيتها وهو المعروف عنه الكلام (عمال علي بطال) وفي أية مناسبة، ودائماً يعلو صوته الناعم الهاديء في القضايا التي لا تستحق، فاذا به اليوم يصمت ولا يتحرك، وتصمت حكومته، وتصمت صحافتنا القومية بل والمستقلة والحزبية في أغلبها، فهل وصل الحال بالنفط السعودي الي هذه الدرجة من اعطاب الضمير السياسي للمسؤولين والضمير الصحافي للاعلاميين فتعطل كلُ عن وظيفته وبات خائناًَ لأمانة المسؤولية وأمانة الكلمة؟
واذا لم يكن الأمر كذلك، فلماذا صمتوا عن هذه القضية الخطيرة والتي تكررت عدة مرات خلال السنوات الماضية دون مواجهة جادة تليق بمكانة وقيمة مصر وصحافتها ووزارة خارجيتها وحكومتها التي تدعي أنها جاءت لتحمي هذا الشعب المصري في داخل البلاد وخارجها؟
ولنعد الي القصة..
والتي تجرأت صحيفة واحدة هي المصري اليوم علي نشرها يوم 30/10/2006 وفي الصفحة الأولي، والطريف أن الوحيد الذي عقب عليها منتقداً أيضاً صمت وزارة الخارجية المصرية هو د. عبد العظيم رمضان في مقاله بصحيفة الجمهورية يوم 1/11/2006.
تقول القصة وباختصار (احتجزت السلطات السعودية معتمرة مصرية في أحد أقسام الشرطة في مكة وسط 40 سيدة في زنزانة ضيقة تملؤها الفئران، قبل أن تطلق سراحها بعد 9 أيام من الاحتجاز، بسبب مشادة حدثت بينها وبين سيدة سعودية بجوار الكعبة، انحازت خلالها الشرطة للمرأة السعودية، ووجهت للمعتمرة المصرية تهمة التسول.
تقول المعتمرة وتدعي هدي محمود محمد عجمي 62 سنة من الاسكندرية: أتطلع كل عام بشوق لزيارة بيت الله الحرام، وهذا العام بعد أن قضيت مناسك العمرة، واستقر بي الحال بمكة توجهت للصلاة أمام الكعبة، ففوجئت باحدي السعوديات تزيح سجادة الصلاة الخاصة بزميلتي لتجلس مكانها، فأخبرتها أنها علي وشك الوصول، فثارت في وجهي، وأخذت تسب المصريين وعندما رفضت أسلوبها، توعدتني وتوجهت الي احدي المشرفات داخل الحرم، وجاءت المشرفة وطلبت مني التوجه معها لأحد أفراد الشرطة بالحرم، وتم احتجازي بغرفة صغيرة لمدة نصف ساعة قرب باب الصفا، وتفتيشي ذاتياً، وبعد أوقات عصيبة، جاءت سيارة كبيرة للترحيلات بها صندوق حديدي كالزنزانة، وضعنا بداخله بطريقة غير آدمية وقام أحد أفراد الشرطة بسبنا بأبشع الألفاظ، ووصلنا الي ما يسمونه الحجز المركزي بجدة.
وتتابع السيدة: مرت الأيام الـ 8 التي تم احتجازي فيها كأنها دهر، حيث كانت الفئران تسير علي جسدي، انهارت قواي لعدم استطاعتي النوم. وأكدت هدي أنها لن تترك حقها يضيع وسترفع دعاوي قضائية علي جميع المسؤولين عن الاهانة التي لحقت بها في السعودية (انتهي الخبر المنشور في الصفحة الأولي من المصري اليوم! ).*
والآن.. وبعد نشر هذه القصة / الفضيحة دعونا نسأل عدة أسئلة مؤملين أن نجد اجابة عليها ممن امتلأ فمهم نفطاً بدلاً من الماء
:أولاً:
ألا يوجد لمصر سفير محترم في السعودية مهمته متابعة مثل تلك القضايا وحماية أبناء وطنه؟ هناك سفير من المفترض ألا يتواطأ بالصمت أو بالتآمر المباشر (كما حدث منذ سنوات مع الطفل المصري الذي اغتصب في تلك البلاد التي تدعي حماية الحرمين!)..
تري أين هذا السفير وماذا فعل لعشرات الحالات التي وقفت علي باب سفارته تشكو له الظلم والاهانة وضياع الحقوق، هل دوره هو مجرد التشريفات والتخديم علي الأمراء واعداد حفلات الاستقبال؟ ماذا فعل هذا السفير في هذه القضية تحديداً؟
واذا لم يكن قد فعل شيئاً وصمت مثل وزير خارجيته صاحب الصوت الناعم، فهل يجوز سياسياً أن يستمر في منصبه وهو لم يكن أميناً علي شروط بقائه فيه؟!
ثانياً:
أين صحافتنا واعلامنا المرئي والمسموع (الرسمي وغير الرسمي) من هذه الفضيحة، لماذا صمت ولم تنطق سوي صحيفة واحدة المصري اليوم وكاتب واحد (عبد العظيم رمضان) أين ذهب قلم ولسان كل من أسامة سرايا وممتاز القط، وعبد الله كمال (والأخير مشهور عنه الكلام في كل شيء وفي أي وقت دفاعاً عن لجنة السياسات وابن الرئيس، أفلم تهز ضميره المهني هذه الواقعة؟ ألم يتألم (قلب) رفاقه رؤساء التحرير المعينين بدون وجه حق مهني في مناصبهم لهذه السيدة التي ضربت وأهينت وعذبت.. ألم يروا فيها (مصر) وقد تمت اهانتها أم أن مصر هي فقط الرئيس وابنه!!
ثالثاً:
أين منظمات حقوق الانسان المصرية والعربية والتي صدعت رؤوسنا في الحديث عن هذه (الحقوق)، لماذا صمتت هي أيضاً تري هل طالها (النفط) و(الأمراء) فسدوها؟ هل لأن تلك السيدة المصرية الفقيرة لا تقف خلفها مؤسسات التمويل الأجنبي (فورد ـ هانززايدل ـ فرديرش ايبرت ـ وكالة التنمية الدولية ـ الفيدرالية الأوروبية لحقوق الانسان ـ هيئة المعونة الأمريكية وغيرها) وأين المجلس المصري لحقوق الانسان.. لماذا صمت أبو المجد وأبو سعدة وبهي الدين حسن وغيرهم من دعاة (حقوق الانسان)؟ هل ينتظرون أن تذهب قناة (الجزيرة) أولاً لتصوير الواقعة فيذهبون الي هناك في نفــــس التوقيــت حتي يضمنوا أن يظهروا علي الشاشات الفضائية ويلقوا بـ (بوقين حلوين) وبذلك يكونون قد أدوا الأمانة المطلوبة منهم!!
رابعاً :
أين علماء الأزهر والاسلام ليدلوا بدلوهم في هذا الانتهاك الصارخ لحقوق (انسانة) مسلمة مصرية، ما هو رأي الاسلام في هذا؟ وهل يجوز شرعاً أن يتولي امرة الحرمين الشريفين والكعبة المشرفة مثل هؤلاء الذين ينتهكون حقوق الانسان المسلم؟ ألا تفجر هذه الفضيحة مجدداً قضية حتمية استقلال هذه المقدسات بعيداً عن هيمنة أولئك المسؤولين الذين لا يراعون للمسلمات حرمة ولا ذمة.. ما رأي علماء الاسلام في ذلك؟ہ أخيراً..ان القضية خطيرة.. والصمت عليها أخطر، ولا نبالغ اذا وصفنا هذا بأنه خيانة أخلاقية وسياسية، واذا لم يتحرك الاعلام المصري والعربي الشريف لفضح ما جري، فانه حتماً سيتكرر، وساعتها لا ينبغي ان نلوم أحدا، بل نلوم أنفسنا، وعندما نقبل ممن يفترض فيهم حماية ورعاية مقدسات المسلمين مثل هذا السلوك في الاعتداء علي حرمات المسلمات مثلما جري مع هذه السيدة المصرية، فان أهليتهم في رعاية وحماية تلك المقدسات تكون موضع شك..
ومن يدعي غير ذلك فهو ـ مع كامل الاحترام ـ اما منافق أو يمتلئ ضميره بعد فمه، بالنفط، فأخرسه عن قول الحق. ولا حول ولا قوة الا بالله.
0 Comments:
Post a Comment
<< Home