بيلسان

............

29 November, 2006

أحمد الدقامسة: بقيّة نخوة وشرف




بعد ثماني سنوات من السجن ودخوله العام التاسع
«السبيل» تزور عائلة الجندي أحمد الدقامسة وتعيش شكواهم وآلامهم

كتب: تامر الصمادي

في طريقنا إلى قرية إبدر في محافظة إربد التي يسكن فيها أحمد الدقامسه «أبوسيف» استوقفتنا على مشارف القرية نقطة تفتيش وتفحصت هوياتنا الشخصية.

سيف أحمد الدقامسة كان ينتظرنا أمام المنزل، وعند رؤيته لنا قام بالسلام علينا وتقبيلنا رغم صغر سنه، دخلنا البيت وجلسنا مع العائلة، زوجة احمد وأمه وأخيه عبدالله وابنائه سيف ونور وبتول، وكان والده توفي بعد دخول أحمد إلى السجن بسنتين ونصف.
رغم الألم الذي بدا واضحا على الحاجة كاملة، والتجاعيد التي ارتسمت على وجهها والتي كانت تخبر عن قصص اللوعة والاشتياق إلى ابنها، الإ أنها كانت تشعر بالعزة والفخر. وتقول: الحاجة كاملة: «أقوم بزيارته في كل شهر مرة، لا أستطيع أن أزوره بشكل متكرر بسبب الأمراض الكثيرة التي أعاني منها، أما زوجته وأولاده وأخوته فيزوروه كل أسبوع أو اثنين إضافة إلى أصدقائه وجيرانه في الحي». ولدى سؤالنا الحاجة عن الشعور الذي تشعر به وهي بعيدة عن ابنها تتابع: «ماذا تتوقعون من أم حكم على ابنها بالمؤبد أن تشعر، النار تحرق صدري، عيوني خربن من كثرة العياط، لكن لا يسعني إلا أن أقول الحمدلله.

أما زوجته التي كانت تلملم دموعها أمام أطفالها الصغار، فتشير إلى أن أحمد كان في فترة سجنه الأولى متضايقا بسبب وفاة والده، حيث حرم من المشاركة في تشييع جثمانه، لكنه بقي صامدا صابرا داخل قضبان السجن، بل أنه قام بفتح بيت للعزاء وتقبل التعازي من أصدقائه داخل السجن. وتتابع ام سيف: «أشعر بالفخر والاعتزاز لأن أحمد قام بعمل بطولي». وتضيف: «رغم المؤبد الذي حكم عليه إلا أنني لا أقطع الأمل في أن يخرج إلينا في يوم من الأيام فأملنا بالله كبير، ولا أطلب من الحكومة شيئاً، لكنني أطلب من الله العلي القدير أن يفك أسر زوجي».

وتحدثت أم سيف عن بعض التطمينات الحكومية التي كانت تقضي بإطلاق سراح زوجها، وما كان ينتج عنها من فرحة وبهجة في نفوس أهلة وأطفاله، وفي النهاية تكون هذه التطمينات عبارة عن إشاعات تهدف إلى ما وصفته بـ«بالمراوغة والتطمين».

أما عن أجواء زيارتهم لأحمد داخل السجن فتقول: «عندما نذهب لزيارته نراه ينتظرنا بشوق ولهفة يؤشر لنا براحته من خلف قضبان السجن هاأنا ذا، وحينما نسأله عن وضعه يرد بسرعة أنا في غاية الراحة الحمد لله، المهم انتم، نشعر أن أحمد أقوى من السجن الذي يحوي جسده الصابر، حيث علمنا أنه يدرس داخل السجن على منهاج الثانوية العامة للفرع الأدبي ليتسنى له إكمال دراسته الجامعية».

أما ما يشغل باله داخل السجن كما تقول زوجته فهي أحوال الأمة العربية والإسلامية في فلسطين والعراق، وما تتعرض له الشعوب المسلمة من قهر واضطهاد، زوجته وأمه وإخوته أكدوا لـ«السبيل» أن سقوط بغداد احزنه كثيرا، وأنه كان يتمنى أن يكون خارج السجن ليلتحق بالشباب الذي خرج للجهاد في العراق.

وتلمح أم سيف إلى الأجواء الكثيرة التي أفتقدوها داخل البيت بغياب أحمد، مشيرة إلى المعاناة وخصوصا افتقاد الأولاد لأبيهم، وتضيف: «في الحقيقة أطفالي يشعرون بالأسى والحرمان عندما يروا أولياء أمور أصدقائهم في المدرسة يأتون للسؤال عن أبنائهم، أما هم فلا يوجد أب يسأل عنهم، العديد من الأمور التي تحزنهم بسبب فقدانهم لوالدهم لكنهم يحاولوا أن يتغلبوا على أحزانهم رغم صغر سنهم ويواسوا أنفسهم بالعمل الذي قام به والدهم».

أما عن طبيعة أحمد قبل وبعد السجن فتقول زوجتة: «كان أحمد في الماضي كأي إنسان عادي، لم يكن يبدو عليه الالتزام الديني، نعم كان يصلي ويصوم ويأذن في المسجد في أيام عطله، وكان يحب الخير لكل الناس، لكنه لم يكن يطلعنا على أسراره أو ما يحدث معه خلال عمله الرسمي، كان عبارة عن صندوق من الأسرار». وتتابع حديثها: «أما بعد أن قام بالعملية وحكم عليه بالمؤبد ازداد تمسكه بدينه أكثر، وأصبح أكثر ثقافة وعلما فأخذ يطالع الكتب والمجلات داخل السجن، وقام بإطالة لحيته اتباعاً لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم».

من جانبه يقول عبدالله شقيق الدقامسة: «قبل اسبوع من قيامه بالعملية كان غاضبا جدا، وعندما سألته عن سبب غضبه قال لي إن جمعا من المتصهينين كانوا بالقرب من الحدود الأردنية، وكان معهم كلب يطلقون عليه اسم محمد، هذه القصة كانت جزءاً يسيرا من الاستخفافات اليومية بالجنود الأردنيين الموجودين على المنطقة الحدودية، لكن أحمد لم يتحمل هذه المواقف فقام بالعملية».

ابنه نور (12) عاما فقال بصوت متقطع وهو يصارع الدموع، أتمنى أن يخرج والدي من السجن لنكون كبقية الأطفال نعيش معه ونلعب معه، عندما أزوره أقول له «الله يصبرك يا بابا» أساتذتي في المدرسة يقولون لي دائما لا تخاف يا نور إن شاء الله غير يخرج أبوك من السجن قريبا.

الزهرة الصغيرة بتول الذي سجن والدها ولم يتجاوز عمرها 25 يوما لم تسعفها الكلمات لصغر سنها، كلمات أطلقتها بصعوبة من بين شفتيها البريئتين «يارب يطلع بابا من السجن».
وكانت لجنة الحريات في نقابة المهندسين زارت الدقامسة الأسبوع الماضي في سجنه بالجويدة للإطمئنان على وضعه.

من الأرشيف: حتى لا تفقده الذاكرة

المناضل أحمد الدقامسة .... يتحدث من وراء القضبان ؟!!

حاوره علي السنيد

نشرة " المناهضة " تلتقي الجندي الأردني أحمد الدقامسة المحكوم بالسجن المؤبد، بعد قيامة بإطلاق النار على مستوطنات صهيونيات، عندما استهزأن به ، وهو يؤدي فريضة الصلاة، حيث كان يحمي حدود الوطن في الجانب الغربي المطل على فلسطين العربية، والمحتلة من الصهاينة منذ عام 1948م.

ويأتي هذا اللقاء، في ظل سقوط أكثر من مائة وثلاثين شهيد فلسطيني، وأكثر من خمسة آلاف جريح، على أرض فلسطين الطهور، خلال انتفاضة الجماهير الفلسطينية على المحتل الصهيوني، التي تجددت جذوتها منذ نهاية شهر أيلول الماضي، وما تزال تقاوم الاحتلال الصهيوني الذي يستخدم كافة الأسلحة والدبابات والطائرات في ضرب الجماهير الفلسطينية.. وفي ظل وجوم عربي رسمي، ومسيرات شعبية غاضبة في أغلب عواصم العالم ....؟!

في البداية حدثنا عن حملة التبرع بالدم التي توليت الدعوة إليها في سجن سواقة؟
- تقدمت بطلب إلى مدير سجن سواقة ومن خلاله إلى عطوفة مدير الأمن العام أسأله الموافقة على السماح لي بالتبرع بالدم لجرحانا في الصدامات الدامية بين شعبنا الفلسطيني البطل والعدو الصهيوني الخسيس، ثم عرضت الفكرة على زملائي في السجن وكان التجاوب كبيراً إذ تقدم ما يزيد على ثمانمائة سجين إلى الإدارة بطلب جماعي مماثل لطلبي وما زلنا ننتظر موافقة مدير الأمن العام والذي اعتقد أنه سيكون بالإيجاب تماشياً مع أجواء التضامن التي يبديها الشعب الأردني مع إخواننا الفلسطينيين حماهم الله وأيدهم بالنصر.

ماذا تقول للجماهير الفلسطينية في ظل هذه الأوضاع التي يعيشونها؟

-أقول لهم " إن تنصروا الله ينصركم "ويثبت أقدامكم " ولقد أثبتم أنكم حماة المقدسات وأن الخير كامن فيكم جيلاً بعد جيل، وأنا لا أشك أبداً أن ذروة الأمة في فلسطين وأن القدس باعث للوحدة في أوصال الأمة التي قطعها قادتها الاشاوس ولا بد أن ينتصر الحق وأن يندحر الباطل والعدوان، والفلسطينيون الذين لم ينقطع شلال دمهم منذ بداية القرن أحق العرب في أن يحصلوا على دولة فوق كل فلسطين من البحر إلى النهر، فلقد دفعوا ثمن التراب الفلسطيني انفساً ودماء زكية طاهرة، فادعو الله أن ينصرهم ويمكنهم من القضاء على عدوهم، إنه سميع مجيب الدعاء.

كان من الغالب على شعارات المسيرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني، هو المطالبة بالإفراج عنك، ما هو تعليقك على ذلك ؟

- لعل إجابة هذا السؤال فرصة مناسبة لي أن أتقدم من خلالها بالشكر الجزيل إلى الأردنيين الأحرار والعرب وإلى كل من ساهم منهم سواء بالدفاع أو حضور المحاكمة أو زيارتي في السجن، أو بكتابة مقالة أو قصيدة أو بالوقوف المادي والمعنوي مع أهلي أتقدم من النقابات والأحزاب والشخصيات السياسية ومختلف الفعاليات في وطني الحبيب بالشكر والعرفان رغم عتبي على قلة زيارتهم لي إلا أنني أشعر بانشغال الناس وركضهم وراء لقمة عيشهم وأؤكد للجميع أن نصف صمودي أو أكثر هو من وقوفهم خلفي كقضية وأستطيع أن أؤكد أن الشعب الأردني كان دائماً يضعني على أجندته، ومن أولوياته ويرفع المطالبة بالإفراج عني في كل مناسبة منذ عملية اعتقالي وحادثة الاعتداء على خالد مشعل ومرور أكثر من عفو كنت استثنى منها وشملت قضايا سرقة وقتل وهتك عرض، ثم بالمطالبة التي أعقبت الاعتداء الصهيوني الآثم على الوفد النقابي الأردني الذي كان في مهمة شعبيه للتهنئة بتحرير الجنوب اللبناني وها هي الجماهير الأردنية الغاضبة ترفع المطالبة مرة أخرى بالإفراج عن قاتل اليهود أحمد الدقامسة عندما ترى بعينها كيف يطلق اليهود الرصاص الحي على رؤوس الفلسطينيين وكيف يمعنون في استباحة الأقصى وتدنيسه وإعادة احتلاله لفرض الأمر الواقع وإنهاء عملية التفاوض بالقبول فيما آلت إليه الأمور على الأرض.

صـــرح رئيـــس لجنة الحريات النيابية، أنه طلب منك خلال زيارة اللجنة للسجن، البقاء في السجن خوفاً على حياتك من "الموساد "، فما هو تعليقك ؟

- الحقيقة أن رئيس لجنة الحريات العامة لم يأت بجديد في هذا الأمر فأنا أعلم أنني مستهدف وأن الأردن ساحة مفتوحة للموساد بعد الذي حدث للأستاذ خالد مشعل في العاصمة عمان، ولكن مؤكد أن رئيس لجنة الحريات لم ينقل رسالة من الموساد لي لأنه نائب في البرلمان الأردني وليس موظفاً في الموساد، وإنما كان يردد ما يتوقعه الناس من خطورة وجودي في مكان مكشوف وأنا منفذ عملية الباقورة، ولكن الطريف في الأمر أن سعادة النائب وقع في تناقض شديد عندما رأى أن وجودي في السجن أفضل من خروجي منه على اعتبار أن المكان آمن وفي نفس الوقت طلب مني أن أكتب له ورقة أطلب فيها العفو لأخرج من السجن.
وعلى كل حال عندما أخرج من السجن فأنا أفكر أن أرحل إلى العراق حتى تتغير الحال والأحوال.
سنسأل عن حال أهلك وأبنائك في ظل غيابك عنهم في هذا المكان ؟

- عندما أقدمت على عملية الباقورة لم أفكر بشيء، ولم انظر لأي اعتبار سوى اعتبار الشرف والواجب، وهذه الأمور تصبح غير مرئية أمام نداء الكرامة، ولما أصبحت داخل السجن كنت أدعو الله أن لا يقطع الجيش راتبي ليعيش عليه أبنائي لكنه قطع، غير أن الشعب الأردني والعربي هب لنجدتي والوقوف إلى جانبي سواء بالوقوف القانوني المميز أو جمع التبرعات لترتيب أوضاع أبنائي الذين تركتهم بلا شيء، وأنا الحقيقة كنت سأتدبر أمري بالعمل بالتنظيف داخل السجن لأحصل على ثمن دخاني وقد تلاشى ذلك بحجم التعاطف والحملة التي قادها المهندس ليث الشبيلات والمعارضة وأثمرت بتعزيز أمني النفسي والأمن المادي لأبنائي.

هل لك أن تحدثنا كيف تقضي يومك في جو الاعتقال هذا؟

- أنا الآن أعد في السنة الرابعة لي داخل السجن وما زلت أشعر بطعم القضية لأني كنت صاحبها ولذلك لا أشعر بالملل وما زلت أحافظ على برنامج ديني مميز، فلقد أصلحت عبادتي في السجن وحقيقة أنا متدين خارج السجن ولكن العزلة تعطيك وقتاً أكثر للعبادة ثم أنني أصبحت أخصص وقتاً للقراءة واقضي وقتاً مع زملائي نتجاذب الحديث،

ولذلك عمر السجن يوم متكرر، وأكثر ما اشتاق إليه في السجن هو الزيارة التي تخرجك من بين القضبان، وعتبي كان على قطعي من الزيارة لأنني لا أستطيع أن أزور أحداً من أحبابي ويستطيع الجميع أن يزورني، وإذا أضفت إلى يومي تفاصيل الحياة المعتادة، فأكون كأي سجين يقضي وقته على أمل أن يصل إلى نهاية النفق يوماً ما.

أحمد الدقامسة، الجندي في القوات المسلحة الأردنية سابقاً، والمواطن الغيور على شعبه ووطنه وأمته، منذ ولادته، وحتى في ظل الحكم عليه بالسجن المؤبد، ما الذي تود أن تقوله للحكومة في هذا الوضع بالذات؟

- على الحكومة أن تلتزم بإرادة شعبها، وتتخذ سياسات شعبية تقربها إلى الجمهور، والحكومة التي تتحدى شعبها فقط تحرق شخوصها، وتزول في نهاية المطاف غير مأسوف عليها، وأن هنالك أموراً عندما تقع تجد عذراً للحكومات بصددها كونها أكبر من الحكومات، ولكن هنالك أخطاء لا تدري لماذا تمارس ومن يتحمل مسؤولية تراكمها، ومن ذلك مثلاً التدني المستمر في مجال الحريات وازدياد حالة القمع في المراكز الأمنية كالسجون والمخافر وقمع المسيرات والمظاهرات. فالحكومة العاقلة غير معنية بخلق العداء مع الشعب خاصة وأن الشعب العربي " طيب " ولا يطلب المستحيل ويرضيه القليل ويطلب فقط احترام إنسانيته . وأنا شخصياً أطلب من الحكومة كسر الحظر على العراق الشقيق، وإلغاء معاهدة وادي عربة، وطرد السفير الصهيوني من عمان والسماح لقادة حماس بالعودة إلى الأردن

0 Comments:

Post a Comment

<< Home