خطاب اولمرت أمام كديما
جسد فشله كرئيس للوزراء رغم محاولته استثارة شفقة الجمهور
بعد أن انتهينا من التأثر بخطاب إيهود اولمرت غير العادي أمام مجلس كديما، بدأنا بهضمه.
بعد أن انتهينا من التأثر بخطاب إيهود اولمرت غير العادي أمام مجلس كديما، بدأنا بهضمه.
عبارة أنا لا أحظي بالشعبية تكررت 15 مرة، و هذا موقع عملي ، تكررت 11 مرة، يمكن القول أن هذا الخطاب لم يكن تشرتشليا.
هذا الخطاب كان بالونا من الدرجة الاولي اذا أخذنا تركيزه علي نفسه وعلي مصيره المرير فيه بصورة أساسية. شوحاط ايضا يستطيع استخدام عبارة أنا لا أحظي بالشعبية، إلا أن هذا مكان عملي ، بنفس المقياس.
اولمرت أجري مقارنة بين ضائقة انخفاض شعبيته وبين جودة عمله بطريقة سخيفة.
انعدام شعبيته لم يهبط من السماء. 97 في المئة من الجمهور يعتقدون أنه لا يقوم بالعمل المنوط به كما يتفاخر. من هنا قد يؤدي تنكره في صورة من يقوم بعمله بصورة متفانية الي إثارة قلق الجمهور منه أكثر فأكثر. هل سيواصل العمل بهذه الطريقة؟.
طالما بقي هناك طفل في سدروت لا ينام خوفا من صواريخ القسام، فهذا موقع عملي ، طالما بقي شليط وغولد فاسر وريغف في الأسر، فهذا مكان عملي . مقابل هذه العبارات تطرح الاسئلة التالية: لماذا ما زالت صواريخ القسام تنزل علي سدروت بعد سنة من حكمه؟ ولماذا بقي الجنود في الأسر رغم حرب لبنان بقتلاها الـ 160؟
من هنا يتبين أنه قام بخداعنا من خلال خطابه ذاك الذي ذكر فيه اخفاقاته واحدا تلو الآخر.اذا كان يعتقد أن تكرار كونه منخفض الشعبية سيحوله الي شخص محبوب، فقد اخطأ. واذا اعتقد أنه سيستكمل فترة حكمه من دون أضرار، كما قال في خطابه أمام كديما، فمن الممكن تصديقه في أن هذه أُمنيته. ولكن عندما تحدث عن التحقيقات الجارية ضده، وقال ليس لدي ما أُخفيه فهو انما يثير التساؤل حول سبب عدم وثوق الناس به. ادارة الدولة الأكثر تعقيدا في العالم أودعت في يدي، وهذا هو انشغالي الوحيد ، يقول، أنا لست مستعدا للعمل وفقا لإملاءات مساعي كسب الشعبية .دولة اسرائيل هي مكان عمله، كما يقول، ومن ثم يسأل: ما الذي تُفضلونه؟
رئيس وزراء ينشغل بشعبيته أم رئيس وزراء يركز علي عمله ومهماته؟. وها هم وزراء كديما يحتجون علي عجرفته باستثناء شمعون بيريس الذي أوغل في مدحه كرئيس للوزراء. وزراء حزبه يقولون: هذا مكان عملنا ايضا. هدفنا هو انقاذ كديما من فقدان الحكم، مع اولمرت أو من دونه. تسيبي لفني التي تحمل لقب القائم بأعمال رئيس الوزراء، تختلف معه منذ زمن حول نهجه.
قبل ثلاثة اشهر سمعتها تقول انها تنادي بمبادرات تجاه الفلسطينيين، واشتكت من انه يمنعها من اجراء اللقاءات في الخارج. والآن، ها هي حكومة الوحدة الفلسطينية قد تشكلت، ولكن اولمرت يسير في خط متشدد رغم ذلك، ذلك لان هذا مكان عمله.ما يحدث ليس أكثر من مكان عمل السياسي. أن تكون اسرائيليا في اسرائيل، هذا أكثر من مكان عمل، فالمسألة تتعلق بمستقبلنا وأمننا.
للسياسيين دزينة من الخيارات المختلفة والمتنوعة. وليس أمام ملايين المواطنين في الدولة خيار آخر غير دولة اسرائيل كمكان عمل آمن ولا تنازل عنه.ماذا تعرفون عن رئيس الوزراء الذي ينهض كل صباح ليستحم بالسموم ويستخدم برود أعصابه ومنطقه السليم لاكمال عمله بصورة اعتيادية متفانية؟ ، يسأل اولمرت. الكاتب ديفيد غروسمان اعتبر حكومة اولمرت حكومة فارغة، إلا أن الخوف الماثل في الأفق هو خطر الفراغ السلطوي الذي قد ينشأ من قرارات لجنة فينوغراد. مع نتنياهو غير المحبوب وحزب العمل المتشرذم وكديما الممزق، قد تتحول اسرائيل الي جمهورية رابعة.
اولمرت بحاجة الي انجاز فوري في عملية السلام بوجود لجنة فينوغراد مسلطة علي رأسه مثل سيف ديموقليس. هذا ممكن من خلال المسار السوري، أو حكومة الوحدة الفلسطينية أو المبادرة السعودية. في الاسبوع الماضي شارك مئات آلاف التلاميذ في كل أرجاء البلاد في مناورة النزول الي الملاجيء، وهم يرتدون الأقنعة الواقية، فهل نستعد عما قريب لسيناريو حربي قد يشمل البلاد كلها حتي ايلات جنوبا؟ اولمرت علي شفا الهاوية السياسية، وهو في وضع قد تسجل فيه كل عملية أو اختطاف ضده. مواصلة رئاسة الوزراء حتي هذه النهاية هي عمله فعلا. ولكن هذا الأمر أكثر من مكان عمل بالنسبة لمواطني الدولة ـ هي مكان حياته الوحيد. هذه المعلومة الصغيرة حُذفت من خطاب اولمرت.
يوئيل ماركوس
معلق دائم في الصحيفة(هآرتس) 20/3/2007 عن القدس العربي
0 Comments:
Post a Comment
<< Home