المرأة في الموساد
الغاية تبرر الوسيلة
تسمى (الجاسوسية) بالسلاح الرابع بعد سلاح الطيران والبحرية والآلة العسكرية البرية.. ويعتمد هذا السلاح على عقول ماهرة ذكية تحلل الواقع وتركب الحقائق.. تفسر المعلومات.. وتستخلص النتائج.. تصنع الخداع وترسم الخطط.. وقد استطاع اليهود أن يكونوا جواسيس مهرة في هذا الميدان بسبب وجودهم في معظم دول العالم، واشتهر منهم الدكتور (حاييم وايزمن) الذي سرق أسرارا كيميائية من روسيا القيصرية أثناء الحرب العالمية الأولى وباعها إلى الحلفاء مقابل مساعدة اليهود في الهجرة إلى فلسطين وتأسيس الدولة اليهودية، وقد أصبح (وايزمن) بفضل خدماته التجسسية أول رئيس للدولة في إسرائيل..
تسمى (الجاسوسية) بالسلاح الرابع بعد سلاح الطيران والبحرية والآلة العسكرية البرية.. ويعتمد هذا السلاح على عقول ماهرة ذكية تحلل الواقع وتركب الحقائق.. تفسر المعلومات.. وتستخلص النتائج.. تصنع الخداع وترسم الخطط.. وقد استطاع اليهود أن يكونوا جواسيس مهرة في هذا الميدان بسبب وجودهم في معظم دول العالم، واشتهر منهم الدكتور (حاييم وايزمن) الذي سرق أسرارا كيميائية من روسيا القيصرية أثناء الحرب العالمية الأولى وباعها إلى الحلفاء مقابل مساعدة اليهود في الهجرة إلى فلسطين وتأسيس الدولة اليهودية، وقد أصبح (وايزمن) بفضل خدماته التجسسية أول رئيس للدولة في إسرائيل..
ولأن.. التجسس - كما يراه الصهاينة - يجب أن يكون: - (منبعثا من الشعور بالواجب وعلى قاعدة التطوع بالخدمة في سبيل الدولة) تجد أن مئات النساء في إسرائيل يتقدمن بطلبات للعمل مع جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) سنويا، فالصهاينة يعترفون في بروتوكولاتهم أنهم سيجعلون التجسس: (عملا غير شائن.. بل على العكس.. عملا محمودا..) (33) .. ولذلك تجد أيضا أن المرأة في إسرائيل تقبل بشغف على أعمال التجسس ربما لشعورها بمهارتها في هذا العمل الذي يتطلب أولا وقبل كل شيء التخلي عن أي رادع أخلاقي وهو الشيء الذي ميز الكثير من اليهوديات عبر التاريخ البشري !.. ومن يتم قبولها في الجهاز يجب أن: تتمتع بصفات المكر والدهاء وقوة الملاحظة..
ولكي تستطيع القيام بدورها على أكمل وجه يُلزمها الجهاز بعدم الزواج لمدة تصل إلى خمس سنوات من تاريخ تجنيدها.. وتقوم بالتوقيع على تعهد رسمي بذلك، حيث أن الزواج والإنجاب ¬وفقا لما يراه مسؤولو الجهاز¬ سيؤثر سلبا علي عملها الذي يتطلب الدقة والحيطة والحذر والتركيز في المهام الموكلة إليها تجنبا للوقوع في الأخطاء.. .. ويذكر أن نسبة النساء في الموساد تبلغ اليوم 20 % على حد زعم الصحف الإسرائيلية.. إلا أن المهتمين بالشأن الإسرائيلي يؤكدون أن النسبة قد تكون أكبر من ذلك بكثير.
.. فالموساد يرى أن النساء هن أفضل وسيلة للإيقاع بمن يريدون.. وتاريخ جهاز المخابرات الإسرائيلي حافل بعشرات القصص والحوادث التي تشير إلى ضلوع فتيات الموساد بعمليات التجسس والخطف والاغتيالات..
وكانت الشرطة النرويجية في بلدة (ليل هامر) قد اعتقلت عميلتين للموساد بعد مشاركتهما في عملية قتل المغربي (أحمد بوشيكي) الذي كان يعتقد أنه المسؤول الفلسطيني (علي حسن سلامة) الذي كان يعتبر صيدا ثمينا بالنسبة للإسرائيليين..
ولعل قصة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون مع اليهودية المتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي تدل على مدى اعتماد اليهود على النساء في تحقيق أهدافهم..
فالمرأة (اليهودية) كانت - ولا تزال - الذراع الأيمن لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) الذي اعتمد منذ تأسيسه وحتى اللحظة اعتمادا تاما على أجساد العاهرات اليهوديات لتنفيذ مهماته التجسسية القذرة حيث يتم إسقاط العملاء من خلال تصويرهم في أوضاع فاضحة مع (العاهرات الصهاينة) ثم يجري تهديدهم بتلك الصور إذا ما رفضوا تنفيذ الأوامر.. ويعتبر (حاخامات) صهيون المتشددين أن الرذيلة نوع من العبادة وخدمة الوطن..!! وتكمن خطورة فتاة الموساد في كونها حذرة للغاية فهي لا تقدم نفسها على أنها إسرائيلية أبدا، ولذلك يقوم جهاز الموساد بتجنيد النساء اللواتي عشن لسنوات طويلة في الدول الغربية قبل هجرتهن إلى إسرائيل، لأنهن سيجدن سهولة في التحدث بلغة البلد التي ولدن فيها..
ونظرا لخدماتها الكبيرة ونشاطها الإرهابي اللامحدود.. قامت الحكومة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة وفي سابقة فريدة من نوعها بتعيين (عيلزا ماجين) في منصب نائب رئيس الموساد وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب منذ إنشاء هذا الجهاز.. ومنذ توليها ذلك المنصب أطلقت (ماجين) العديد من التصريحات الاستفزازية تجاه العرب ومما قالته: (إن الموساد يستخدم النساء لإغراء الرجال العرب) وأكدت (ماجين) في تصريحاتها أن الموساد تبذل جهودا شتى في عملية تجنيد العملاء إلا أنها:
- (تجد صعوبة بالغة في تجنيد عملاء عرب) .. وأشارت (ماجين) أن تأهيل النساء للعمل كضباط، فالموساد يستهدف بالدرجة الأولى جمع المعلومات خارج إسرائيل وتصف هذا النشاط بأنه: (.. أهم وظيفة في الموساد الإسرائيلي).. وتشير في معرض حديثها إلى أن هناك وحدتين خاصتين في الجهاز هما: وحدة (كيشت): المتخصصة في اقتحام المكاتب لتصوير الوثائق الهامة وزرع أجهزة التنصت في الأمكنة المغلقة بغية الحصول على معلومات نافعة..
وحدة (يديد): ومهمتها حراسة ضباط الجهاز في مختلف دول العالم أثناء مقابلاتهم مع العملاء في الأماكن السرية المتفق عليها.. .. وهناك حوادث إرهابية كثيرة كانت بطلاتها مجندات للموساد، ويؤكد غالبية العملاء الذين يسقطون في أيدي المقاومة أن المرأة هي الوسيلة الأكثر تأثيراً بالنسبة للموساد، وتقوم المجندات الإسرائيليات بإغراء العملاء ثم توريطهم بعلاقات مشبوهة، ويقوم أفراد الموساد بتصويرهما في أوضاع فاضحة يتم تهديد العميل بها عند رفض الأوامر.
ولا يمانع المتدينون في الديانة اليهودية من السماح للمجندات بعملية الإغراء من أجل إسقاط الأعداء، بل يعتبرونه نوعا من العبادة لخدمة الوطن، وهناك الكثير من الروايات التي تحكي قصص الموساد واستخدامه للنساء في الوصول لأهدافه ومشاركتهن في عمليات الاغتيال والاختطاف ومن أشهرها حادثة اختطاف طائرة الميغ /21/العراقية..
حادثة اختطاف طائرة الميغ العراقية
في شهر آب عام 1966 قام الطيار العراقي (منير رديف) باختطاف طائرة عراقية من نوع الميغ /21/ وهبط بها في أحد مطارات إسرائيل.. وقد هزت حادثة اختطاف الطائرة العالم واحتلت الحادثة مكانا بارزا في وسائل الإعلام العالمية لفترة طويلة وكان الاتحاد السوفيتي - سابقا - وأعضاء الملحقات العسكرية لكل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا قد بذلوا جهودا جبارة مع السلطات الإسرائيلية للسماح لهم بالاطلاع على طائرة الميغ /21/ والتي كانت أحدث الطائرات التي يمتلكها الاتحاد السوفيتي في تلك الفترة..
.. كان قائد سلاح الطيران الإسرائيلي (عيزرا وايزمن) على قناعة تامة بالمثل العسكري المشهور:
(إذا أردت أن تنتصر فإن عليك أن تعرف السلاح الذي بحوزة عدوك) .. لذلك قررت إسرائيل التعرف على سلاح العراقيين عن قرب وتفحص الميغ/21/ عن كثب وكما ورد في كتاب (الموساد أفعى الإرهاب الإسرائيلية في العالم) (34)، للمؤلفين (دنس ايزنبرغ ويوري دان وإيلي لاندو) أن أجهزة الموساد اتصلت بإحدى عميلاتها في بغداد للإيقاع بأحد الطيارين العراقيين بغية اختطاف الطائرة.. وكانت العميلة الإسرائيلية امرأة يهودية ولدت في نيويورك وتحمل الجنسية الأمريكية وتتمتع بجمال أخاذ وإطلالة لافتة بالإضافة إلى امتلاكها لثقافة عالية وسرعة بديهة وحضور جذاب فتح أمامها الأبواب المغلقة في الدوائر العسكرية والسياسية..، وبعد مضي حوالي أسبوعين فقط من تكليفها بالمهمة وقع اختيارها على الطيار العراقي منير رديف المعروف بأنه من أمهر وأفضل الطيارين في سلاح الجو العراقي.. وقد تعارفا في حفلة كوكتيل.. وهناك سألت المضيف وهي تشير إلى رجل وسيم الشكل يرتدي زي ضابط في سلاح الطيران العراقي:
من يكون ذلك الشخص؟ إنه الطيار الرائع منير رديف.. قال المضيف مبتسما: هل تودين التعرف إليه؟ - بالطبع أود.. أجابت الشقراء معربة عن رغبتها الشديدة بالتعرف عليه..
.. وبسرعة غير متوقعة تم إيجاد لغة مشتركة بين عميلة الموساد والطيار منير رديف.. ونشأ بينهما حديث ودي، وبعد مرور فترة فتح الطيار قلبه وجوارحه لمستمعته الأمريكية التي أخذت تخيط شباكها حوله.. ومرت الشهور والأيام ونشأت بين الاثنين علاقة حب فاقترحت العميلة على رديف السفر سويا إلى باريس.
.. وبعد مرح صاخب وحياة إغراء .. كشفت العميلة أوراقها له واقترحت عليه الذهاب معا إلى إسرائيل بحيث يبقى ذلك الأمر طي الكتمان.. وأخرجت من حقيبتها جواز سفر جديد باسم مستعار.. وهكذا استطاعت الجاسوسة اليهودية ترتيب كل الأمور بسرعة البرق.. وفي أحد أيام شهر آب عام 1966 تم تركيب خزانات الوقود الإضافية على الطائرة التي سوف يقودها منير رديف بعد رحلته التدريبية الطويلة المقترحة.. وبعد فترة من الزمن أصبحت الميغ/21/ تحت حراسة طائرة الميراج الإسرائيلية التي طارت بالقرب منها، وعندها شعر رديف أن مرحلة الخطر قد زالت وأصبح بأمان تحت حماية رفاقه اليهود.. أما الشقراء الأمريكية التي قدم إلى إسرائيل وخاطر بحياته من أجلها فقد اختفت تماما من حياته وغادرت البلاد.. لتمارس عملها كعميلة للموساد في جهات أخرى.. ويعتبر اسمها الحقيقي حتى الآن من أكثر أسرار الموساد أهمية والبوح به من أكبر المحظورات بالنسبة لجهاز المخابرات الإسرائيلي..
أشهر فتيات الموساد في ميدان الجاسوسية
.. من المعروف أن الموساد لم تدخر وسعا في تجنيد النساء اليهوديات وغير اليهوديات.. وقضت برامج الصهيونية - حسب بروتوكولات حكماء صهيون - بأن يعمل ثلث الشعب في التجسس على الثلثين الآخرين.. وكان استخدام الصهاينة للنساء وسيلة بارزة في التجسس وهي حقيقة تاريخية ثابتة في الفكر الصهيوني.. حيث كانت المرأة عند الصهاينة قبل قيام إسرائيل وبعدها - كما تثبت عشرات الحوادث التاريخية القديمة والمعاصرة - المفتاح السحري لأصعب المهام وأقذرها على الإطلاق.. وصفحات التاريخ مليئة بحكايات الغواني اليهوديات الفاجرات اللواتي استطعن عن طريق الإغراء والعهر الوصول إلى غاياتهن الدنيئة في القتل والاختطاف والترهيب والإفساد الأخلاقي.. ومن أشهر فتيات الموساد اللواتي لعبن دورا بارزا في التجسس والاغتيالات نذكر:
سلفيا إيركا روفائي:
وهي رسامة بريطانية أوكل إليها مراقبة المناضل الفلسطيني (علي حسن سلامة) الذي دوخ الإسرائيليين طويلا ونجا أكثر من مرة من الاغتيال، وقامت الجاسوسة المذكورة برصد تحركات (سلامة) في بيروت، واستطاعت العميلة الإسرائيلية السكن بالقرب من منزله الكائن في الطابق التاسع من إحدى بنايات شارع فردان، وكما هو متوقع جاءها أمر بتنفيذ عملية اغتيال (الأمير الأحمر) كما يلقبه الإسرائيليون.. وتم تلغيم سيارة (فوكس فاكن) بعبوة تفجر لاسلكيا عن بعد ووضعها بالقرب من الطريق الذي اعتاد موكب سلامة المرور منه، وعندما وصل الرجل إلى النقطة المحددة في الساعة الثالثة من عصر يوم 22/1/1979 ضغطت الجاسوسة على الزر لتتم عملية الاغتيال.. وبعد مرور عدة سنوات تحدث ضابط الاستخبارات الإسرائيلي (رافي إيتان ) - المعروف بقسوته ودمويته - عن عملية الاغتيال وعزا الفضل فيها لنفسه(35).. ، وكان الموساد قد أعلن صراحة للأمريكيين عن نيته في اغتيال سلامة عام 1978 وقال أحد رجاله: (إنكم تعلمون ما فعله معنا، وتعرفون قواعد لعبتنا جيدا، لقد تقرر مصيره، إن الرب يغفر، أما إسرائيل فلا)..
شيرلي بن رطوف:
اشتهرت باسم (سيندي) وقد كلفتها الموساد بالإيقاع بالرجل الذي كشف أسرار إسرائيل الذرية وهو (مردخاي فاعنونو) الخبير الإسرائيلي (المغربي الأصل) والذي كان يعمل في مفاعل »ديمونا« الذري.. واستطاعت (سيندي) خلال وقت قصير إقامة علاقة خاصة مع الرجل في لندن.. ثم استدرجته إلي روما عقب نشره معلومات عن قوة إسرائيل النووية في الصحف البريطانية.. وهناك كان عملاء الموساد في الانتظار لتخديره واختطافه إلى سجون إسرائيل. وفعنونو هذا الرجل الذي استيقظ ضميره كان قد قضى ما يقارب 18 عاما في السجن الإسرائيلي وخرج في نيسان عام 2004.
شولا كوهين:
ولدت في الأرجنتين لأسرة يهودية ثرية، وكانت متزوجة من تاجر لبناني يهودي ولها أخت تعمل في عصابة الهاغانا الإرهابية.. عاشت شولا كوهين في بيروت ولعبت دورا بارزا في تهجير اليهود العرب إلى فلسطين وكانت تزور القدس باستمرار.. وقد اعتقلتها السلطات اللبنانية عام 1961 مع 28 فردا من أفراد شبكتها بسبب نشاطاتها التجسسية المعادية دون العثور عن دليل مادي يثبت إدانتها، وبدأت المحاكمة في تشرين الأول من عام 1963 وحكم عليها بالسجن مدة عشرين عاما واعتبر زوجها شريكا معها وحكم عليه بالسجن أيضا ثم أخلي سبيله بعدما استأنف الحكم لعدم وجود شهود.. وتم تخفيف الحكم على الزوجة إلى سبع سنوات بعد أن تم تعديل قانون التهريب في لبنان..
وبعد ست سنوات أفرج عن الجاسوسة شولا كوهين وعاشت في إسرائيل مع زوجها وأولادها.. لكن الحياة هناك لم ترق لها بعد كل ما فعلته من أجل إسرائيل.. وهي تعترف بذلك صراحة وتقول في حوار أجري معها: (.. لقد عملت لمصلحة إسرائيل.. كل ما طلب مني نفذته.. إنني لا أستطيع أن أقول كل شيء.. منذ الإفراج عني ودخولي إلى إسرائيل لم أر شخصا واحدا من الذين كانت لهم علاقة بي.. اعتقدت أن العائلة ستتوحد بعد طيلة غياب مريرة كما كنت أحلم.. لكن السلطات نقلت زوجي وأولادي ووزعتهم في طول البلاد وعرضها.. وإنه لمن السهل فهم أولادي الذين يتهمونني بأنني فضلت إسرائيل والصهيونية عليهم.. لا يهمني التعويض المالي.. ما يهمني هو التنكر الأسود.. لم يهتم بي شخص واحد ممن أعرفهم ولم يلتق بي واحد من هؤلاء.. كان من الأفضل لو أنهم نفذوا بي حكم الإعدام الذي صدر بحقي وكانوا يحولونني بذلك إلى قديسة بعد موتي) (36).
إيرين تسو:
.. ولدت في مقاطعة شنغهاي بالصين…. وأمضت معظم حياتها في حي شعبي فقير وكانت امرأة لعوب وكثيرا ما كانت تظهر عارية على مسارح هونغ كونغ وهي ليست يهودية.. لكنها تعلمت أسرار الجاسوسية من أصدقاء لها كانوا يعملون في المخابرات السرية دربوها على استخدام الأدوات السرية واستعمال السلاح كما دربوها على استخدام جسدها لانتزاع الأسرار من السفراء والعسكريين ورجال السياسة والأعمال .. وقد جاءت تسو إلى المغرب وعملت في ملهى (الدون كيشوت) وهناك تعرفت بجاسوس إسرائيلي وتعلقت به إلا أن المخابرات المغربية اكتشفت أمرها وألقت القبض عليها مع رفيقها الإسرائيلي وصادرت منها وثائق عسكرية هامة تخص المغرب والجزائر وليبيا.. وفي التحقيق معها تم إدانتها وأعدمت بعد أن دخلت معظم قصور العالم(37)..
هبـة سليـم
(صيد الموساد الثمين)
(صيد الموساد الثمين)
اسمها الكامل هبة عبد الرحمن سليم عامر.. فتاة مصرية مدللة.. ولدت في أسرة ثرية وسافرت إلى باريس لإكمال تعليمها الجامعي في باريس مثلما يفعل أبناء الأثرياء.. وهناك اعتادت على حياة الحرية والتحرر من كل قيد.. جمعتها مدرجات الجامعة بفتاة يهودية من أصول بولندية دعتها ذات يوم لسهرة بمنزلها، وهناك التقت بلفيف من الشباب اليهود الذي تعجب لجرأتها وتحررها.. .. كانت هبة سليم لا تعير اهتماما للتقاليد الشرقية المحافظة وتجاهر بالفم الملآن بكرهها الشديد للعرب الذين يقولون أكثر مما يفعلون –حسب رأيها- وكثيرا ما كانت تبدي إعجابها بالحياة الاجتماعية المتحررة في إسرائيل وأوربا.. ولذلك وجد فيها الموساد صيدا ثمينا خصوصا وأنها أبدت استعدادها الكامل للتعامل مع الموساد ودون أي مقابل مادي وهو ما أثار إعجاب الإسرائيليين ودهشتهم في نفس الوقت!! وسرعان ما انخرطت الفتاة في سلك الجاسوسية وأتقنت فنونه بتفوق..
.. استطاعت هبة سليم تجنيد خطيبها المقدم في الجيش المصري فاروق عبد الحميد الفقي مدة تسع سنوات لحساب الموساد.. وعن طريقه استطاعت جمع الكثير من المعلومات والخرائط والأسرار العسكرية الهامة.. إلا أن المخابرات المصرية اكتشفت أمرهما في نهاية الأمر وقامت بإعدامهما في أحد سجون القاهرة رغم توسط وزير الخارجية الأمريكي كيسنجر لدى السادات لتخفيف الحكم على الجاسوسة بطلب شخصي من غولدا مائير..!
.. كانت هبة سليم تعتقد أنها بطلة.. وعندما سألها رجال الموساد عن أمنيتها الخاصة لدى زيارتها تل أبيب قالت بأنها تود مقابلة رئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير!!
وعلى الفور قام الموساد بالترتيبات الأمنية اللازمة لهذا اللقاء الذي كتبت عنه الجاسوسة في مذكراتها ما يلي: (طائرتان حربيتان رافقتا طائرتي كحارس شرف وتحية لي. وهذه إجراءات تكريمية لا تقدم أبدا إلا لرؤساء وملوك الدول الزائرين، حيث تقوم الطائرات المقاتلة بمرافقة طائرة الضيف حتى مطار الوصول وفي مطار تل أبيب كان ينتظرني عدد من الضباط اصطفوا بجوار سيارة ليموزين سوداء تقف أسفل جناح الطائرة، وعندما أدوا التحية العسكرية لي تملكني شعور قوي بالزهو.. واستقبلني بمكتبه مائير عاميت رئيس جهاز الموساد، وأقام لي حفل استقبال ضخم ضم نخبة من كبار ضباط الموساد على رأسهم مايك هراري الأسطورة، وعندما عرضوا تلبية كل أوامري طلبت مقابلة جولدا مائير رئيسة الوزراء التي هزمت العرب ومرغت كرامتهم، ووجدت على مدخل مكتبها صفاً من عشرة جنرالات إسرائيليين أدوا لي التحية العسكرية.. وقابلتني مسز مائير ببشاشة ورقة وقدمتني اليهم قائلة: »إن هذه الآنسة قدمت لإسرائيل خدمات أكثر مما قدمتم لها جميعاً مجتمعين«. وبعد عدة أيام عدت إلى باريس.. وكنت لا أصدق أن هذه الجنة (إسرائيل) يتربص بها العرب ليدمروها) (38)
أمينــة المفتي
(آني موشيه بيراد)
(آني موشيه بيراد)
ولدت أمينة داود المفتي عام 1939 لأسرة ثرية في إحدى ضواحي عمان الراقية، وكانت عائلتها الشركسية المسلمة قد هاجرت إلى الأردن منذ سنوات طويلة، وتبوأت مراكز سياسية واجتماعية مرموقة.. عرفت أمينة المفتي بين أقرانها بالجمال والدلال والذكاء والطموح لكنها وبرغم نشأتها في أسرة محافظة كانت تكره التقاليد وتسخر منها..
بداية السقوط..
أحبت أمينة المفتي في بداية حياتها شابا فلسطينيا لكنه صدها وهجرها إلى أخرى بسبب غرورها وأنانيتها.. .. صدمها الموقف برمته وكان له آثاره السلبية على حياتها ودراستها، إذ حصلت على الثانوية العامة بدرجات متوسطة، دفعتها للتفكير في السفر إلى أوروبا للالتحاق بإحدى جامعاتها.. وفي عام 1957 التحقت بجامعة فيينا لدراسة علم النفس الطبي وهناك تعرفت على طالبة نمساوية (شاذة) تدعى جولي باتريك وتأثرت كثيرا بشخصيتها المتحررة إلى حد الانحلال..
وهكذا مرت سنوات الدراسة في فيينا وفي آب من عام 1961 عادت أمينة المفتي إلى عمان مكرهة تحمل بداخلها طبائع أخرى، بحثت عن حبيبها الفلسطيني وصدمت عندما علمت بنبأ زواجه من فتاته السمراء.. ففكرت بالعودة إلى النمسا.. واستطاعت الحصول على عمل بورشة صغيرة للعب الأطفال، وهناك تعرفت بالفتاة اليهودية (سارة بيراد) وانخرطت معها في حياة الانحلال والشذوذ.. وفي إحدى زيارات أمينة المفتي لأسرة سارة في وستندورف، تعرفت إلى (موشيه) شقيق سارة الأكبر الوسيم.. كان موشيه طيار عسكري برتبة نقيب،يكبرها بسبع سنوات، وهو إلى ذلك كله بهي الطلعة.. ساحر النظرات معسول الكلام.. فأحبته وارتبطت به بعلاقة محرمة لمدة خمس سنوات.. ساعدها موشيه خلالها في الحصول على شهادة دكتوراه مزورة في علم النفس المرضي وهو فرع من علم النفس الطبي، وفي أيلول من عام 1966 عادت إلى الأردن بشهادة مزورة وجسد منهك بالخطايا..
.. وحدث ذات يوم أنها قرأت إعلانا في صحيفة محلية عن تأجير مستشفى للمعاقين جسديا ونفسيا تابع لوزارة الصحة.. وفي اليوم التالي كانت في مكتب وزير الصحة وطلبت منه تأجير المستشفى فوافق على طلبها.. وسارت الأمور بشكل روتيني لبضعة شهور حتى فوجئت أستاذة علم النفس بوزير الصحة يستدعيها ويخبرها بأن عقد الإيجار الذي أبرمته الوزارة معها قد تم فسخه لأن موظفو الوزارة تمكنوا من ضبط مخالفات مالية واختلاسات واضحة في المواد الطبية والإيرادات وكشوف المصروفات في المستشفى الذي تديره.
الزواج من يهودي..
الزواج من يهودي..
.. غادرت الدكتورة مكتب الوزير حانقة، غاضبة،وكارهة لكل ما يمت لهذا الوطن بصلة… خصوصا وأنها بعد الحادثةواجهتاتهامات تشكك في حصولها على شهادة الدكتوراه.. فقررت العودة إلى النمسا من جديد .. وبعد نكسة حزيران عام 1967 أسرعت أمينة المفتي إلى موشيه الذي عرض عليها الزواج فوافقت على طلبه دون تردد أو تفكير.. وفي معبد شيمودت.. اعتنقت أمينة المفتى اليهودية، وتزوجت من موشيه زواجا محرما شرعا، واستبدلت اسمها العربي بالاسم اليهودي الجديد (آني موشيه بيراد) وعاشت معه في شقته الجديدة حياة ملؤها الخوف والتوتر بسبب فعلتها.. إذ أن الخائنة كانت تعتقد أن عيون المخابرات العربية تترصدها في كل مكان ولذلك كانت تتمنى لو أنها كانت تعيش في أي مكان آخر بعيدا عن أعين الرقباء العرب..
.. وفي صيف عام 1972اعتقدت أن الفرصة التي كانت تحلم بها قد أتتها على طبق من ذهب عندما قرأت إعلانا غريبا بإحدى الصحف النمساوية، تطلب فيه إسرائيل متطوعين من يهود أوروبا للالتحاق بجيش الدفاع، مقابل مرتبات مغرية، وحاولت إقناع زوجها بالفكرة والعيش في إسرائيل لتودع الخوف إلى الأبد.. وأمام إلحاحها المستمر وافق الزوج اليهودي وطارا معا إلى إسرائيل في تشرين الثاني من العام 1972 وأقاما في بيت مريح بمستوطنة ريشون لتسيون.. وهناك استقبلت أمينة المفتي بحفاوة إسرائيلية بالغة ووعدها الإسرائيليون بتوفير عمل مناسب لها أيضا في أقرب فرصة بعد أن أخذوها إلى جهة أمنية وسألوها مئات الأسئلة عن نشأتها في الأردن.. أسرتها.. زواجها.. آراؤها السياسية.. وغير ذلك.. إلا أن ما حلمت به الخائنة وتمنته لم يدم طويلا.. إذ أن مدفعية السوريين أسقطت طائرة الرائد الإسرائيلي موشيه بيراد (السكاي هوك) في أول طلعة استطلاع له على الجبهة السورية.. ولم تعلن سوريا عن أسر الطيار الإسرائيلي وقالت أن الطائرة انفجرت في الجو وقائدها بداخلها.. وحاولت إسرائيل استعادة جثة الطيار القتيل عن طريق الصليب الأحمر إلا أن الإجابة كانت انه مفقود ولا اثر لجثته!. رحلة الانتقام..
نزل الخبر على المرأة الخائنة كالصاعقة ولم تصدق الأمر.. وظلت تصرخ وتصرخ بهستيريا لأيام طويلة.. وبعد شهر ونصف من الحادث قالت بأنها تشكك في البيان السوري، وبأن موشيه ما يزال حيا لأنه طيار ماهر!! وصبت جام غضبها على العرب الذين ضيعوا حلمها بالاستقرار والعيش في إسرائيل.. وقررت الثأر لزوجها والانتقام له.. ولكن وقبل كل شيء سافرت إلى شقتها في فيينا التي عاشت فيها ذكريات جميلة مع زوجها الطيار اليهودي.. وفي صباح اليوم التالي أيقظها ثلاثة ضباط إسرائيليون زعموا أن مهمتهم تنحصر في إنهاء إجراءات الإرث الخاص بها، دون إثارة مشاكل مع أسرة زوجها.. وكان ميراثها مع التعويض يربو على النصف مليون دولار، مع الشقة الرائعة في ريشون لتسيون، وطلب الرجال الثلاثة منها أن تتعاون معهم لقاء ذلك، وتنفذ ما سيطلب منها بلا تردد.. ولم تكن المرأة التي باعت دينها وخانت وطنها بحاجة إلى كثير من العناء لجرها إلى فخ الجاسوسية.. فهي طبيبة.. تحمل ثلاث جنسيات مختلفة (الأردنية والنمساوية والإسرائيلية).. بالإضافة إلى أنها غارقة في بحر من الحزن والضغينة والحقد على العرب وكان من السهل على الموساد اصطيادها وتجنيدها لحسابها لكل هذه الأسباب..
.. بدأت أمينة المفتي بمساعدة ضباط الموساد التدرب على أصول التجسس ومبادئه في شقتها.. وتعلمت في 34 يوما أساليب التجسس المختلفة وكانت في كل هذا ماهرة.. بارعة..
غادرت أمينة المفتي فيينا إلى بيروت لتبدأ رحلة الانتقام، وكتبت في مذكراتها:
(.. لن أهدأ حتى أشهد بنفسي بحور الدم المراق تعلوها الأشلاء الممزقة.. وأرى ألف زوجة عربية تبكي زوجها، وألف أم فقدت ابنها، وألف شاب بلا أطراف..) (39)
الجاسوسة في المصيدة..
وكانت مهمتها المحددة هي تقصي أخبار رجال المنظمات الفلسطينية الذين يؤرقون أمن إسرائيل بالإضافة إلى التحري عن مراكز إقامة قادة المقاومة، والطرق التي يسلكها الفدائيون للتسلل إلى الأرض المحتلة، أيضاً - التغلغل داخلهم لمعرفة أعداد الفدائيين، وتدريبهم، وتسليحهم. ومدى مهارتهم في التخفي والمناورة، ومخازن الأسلحة والإعاشة.. والحصول على القوائم السرية لرجال المخابرات الفلسطينية (رصد) في أوروبا وصفاتهم.
.. وقد برعت الجاسوسة الإسرائيلية في كل ما طلب منها.. وخصوصا أن الفلسطينيين وثقوا بها لفترة طويلة فاستطاعت دخول المخيمات الفلسطينية في لبنان والتنقل فيها بحرية تامة.. والتقت برئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات شخصيا عدة مرات وفكرت باغتياله كما ورد في مذكراتها، وجمعت معلومات وافرة عن القادة الفلسطينيين الذين دوخوا الموساد لسنوات طويلة أمثال الشهيد (علي حسن سلامة) المسؤول عن عملية (ميونيخ) التي قتل فيها إحدى عشر إسرائيليا.. إلا أنها سقطت في نهاية الأمر واكتشف أمرها.. وسجنت لعدة سنوات قبل أن يفرج عنها مقابل الإفراج عن أسيرين فلسطينيين في إسرائيل..
النهاية..
وفي يوم 13 فبراير 1980 تمت عملية مبادلتها بالأسيرين الفلسطينيين، وعاشت الجاسوسة القذرة في شارع هابحيفيم هرتسليا ضمن مستوطنة محصنة يقطنها 22 ألف يهودي وتولى جهاز (الشين بيت) الإسرائيلي حمايتها خوفا من أن تطولها يد عربية في يوم من الأيام، خصوصا وأن عشرات الصحف نشرت صورها وأخبارها.. واسمها يتصدر لوحة الشرف بمبنى الموساد، وهي لوحة تضم أمهر العملاء ويطلق عليهم اسم (الأصدقاء الذين أخلصوا لإسرائيل) وقدموا إليها معلومات عن أعدائها ساعدت على إحراز انتصارات عظيمة ..
.. أخضعت أمينة المفتي لرعاية طبية نفسية مكثفة، ومنحها الموساد ستين ألف شيكل مكافأة لها،.. إلا أن حياتها ظلت مضطربة وقلقة كما تحكي في مذكراتها، وعام 1982 افتتحت عيادة خاصة وبعد ستة أشهر تقريبا سمعت خبرا في إذاعة لبنانية عن موت والدها وفقدان أمها النطق بسببها.. وفي محاولة يائسة ذهبت الجاسوسة لمبنى الموساد وقابلت الرئيس الجديد ناحوم أدوني.. وطلبت منه أن يحقق رغبتها في العودة إلى الأردن.. ووعدها آدوني بالنظر في أمرها..
ظلت أمينة تنتظر الرد.. وبعد ثلاثة أشهر، أخبرها ضابط الموساد أن أهلها يرفضون أن تعود إليهم وسلمها شريط كاسيت سجل عليه أفراد أسرتها وأعمامها وأخوالها تمنياتهم لها بالموت على ألا تطأ الأرض الأردنية بقدميها بعدما فعلته من غدر وخيانة وقذارة.. وفي مطلع عام 1984 نشرت مجلة (بمحانية) العسكرية الإسرائيلية خبرا صغيرا يقول إن وزير الدفاع أصدر قراراً بصرف معاش دائم للمقدم آني موشيه بيراد، وظلت نهاية أقذر جاسوسة عربية للموساد يلفها الغموض وتتقاذفها الروايات الكثيرة..
إحدى الروايات تؤكد بأنها تعيش الآن بولاية تكساس الأمريكية مع زوجها الإسباني باسم جديد حيث تمتلك مزرعة واسعة هناك.. بينما تزعم رواية ثانية بأنها أجرت تعديلات بوجهها بمعرفة الموساد.. وتعيش في جنوب أفريقيا منذ عام 1985 تحت اسم مزيف.. وتعمل في الاستيراد والتصدير.. وتزعم رواية ثالثة أنها انتحرت بحقنة سامة داخل حجرتها بقسم الأمراض العصبية بمستشفى تل هاشومير، وهو مستشفى يعد من أكبر مستشفيات إسرائيل..
انشراح موسى
(الجاسوسة التي أنقذها السادات)
الزوج الجاسوس..
(الجاسوسة التي أنقذها السادات)
الزوج الجاسوس..
ولدت انشراح علي موسى عام1937(40) في مدينة المنيا لأسرة صعيدية متزمتة.. وكانت الفتاة ذات قوام رشيق ووجه مليح وعينان نجلاوان.. وعندما استطاعت أن تحصل على الشهادة الإعدادية عام 1951 وبعد أيام قليلة على نجاحها اصطحبها والدها معه إلى القاهرة لحضور حفل عرس أحد أقاربه مكافأة لها.. وفي العرس التقت بالشاب الوسيم هو إبراهيم سعيد شاهين ابن العريش المولود عام 1929.. وشاء لها القدر أن تحبه وتتزوجه رغم معارضة والدتها لهذا الزواج.. وكان زوجها يعمل كاتب حسابات بمكتب مديرية العمل بالعريش.. وهو أيضا لم يحصل إلا على شهادة الإعدادية.. لذلك اتفق مع انشراح على أن يواصل أولادهما تعليمهم حتى أعلى الشهادات العلمية.. وأصبح هذا الأمل هو هدفهما المشترك الذي يسعيان إلى تحقيقه.. خصوصا بعدما رزقا بثلاثة أبناء هم نبيل ومحمد وعادل..
في عام 1963 أرسل الزوجان أولادهما إلى عمهم بالقاهرة ليواصلوا الدراسة هناك.. وفي أكتوبر من 1966 ضبط إبراهيم يتلقى الرشوة وحبس ثلاثة أشهر.. وبعد ذلك بعام تقريبا قامت إسرائيل باحتلال سيناء فمنع المسافرين الذهاب إلى القاهرة.. فتأزم الزوجان قلقا على أولادهما خصوصا وأن الحياة في العريش أضحت صعبة وأصبح الزوج مثله مثل المئات من الأهالي عاطلا عن العمل، ووسط هذا المناخ كانت المخابرات الإسرائيلية تعمل بهمة ونشاط لاصطياد العملاء بغية الإيقاع بهم وتجنيدهم لحسابها..
.. وحدث ذات يوم أن اندفع إبراهيم إلى مكتب الحاكم العسكري الإسرائيلي ليطلب تصريحا له ولزوجته بالسفر إلى القاهرة.. وحدثت بينه وبين الضابط الإسرائيلي حوارات متعددة استطاع خلالها (أبو نعيم) الضابط الإسرائيلي اكتشاف نقاط الضعف في شخصية إبراهيم ووعده بالنظر في أمر التصريح في أسرع وقت.. كما أمر له ببعض المواد التموينية الضرورية كالدقيق والشاي والسكر التي أصبحت فيما بعد المصدر الوحيد للإعاشة حيث كان (أبو نعيم) يماطل في أمر لتصريح لكنه لا يماطل في أمر الإمدادات الغذائية اللازمة .. وذات صباح فوجئ الزوج بمن يستدعيه لمكتب (أبو نعيم).. فذهب إليه في الحال فأخبره الضابط بأن الحاكم العسكري وافق على منحه تصريح السفر هو وزوجته بشرط أن يكون متعاونا ويأتيه بأسعار الفاكهة والخضراوات في مصر.. والحالة الاقتصادية للبلد بواسطة أخيه الذي يعمل بالاستيراد والتصدير، وافق إبراهيم شاهين على الفور ونجح في الاختبار الأول.. فأحاله الضابط الإسرائيلي إلى (أبو يعقوب) لإكمال المهمة.. فطلب منه هذا الأخير أن يذهب معه إلى المكتب الرئيسي للأمن المختص بالتعامل مع أبناء سيناء في بئر السبع وهناك استضافوه ولوحوا له بإغراءات مادية لم يكن يحلم بجمعها في يوم من الأيام.. وافق إبراهيم على التعاون مع الإسرائيليين في جمع المعلومات عن مصر.. وتسلم - كدفعة أولى - ألف دولار في الوقت الذي لم يكن يملك فيه ثمن لقمة الخبز.
.. أخضع الجاسوس الجديد لدورة تدريبية مكثفة تعلم أثناءها الكتابة بالحبر السري وتظهير الرسائل.. ووسائل جمع المعلومات ودرب أيضا على كيفية بث الإشاعات والتمييز بين الأسلحة المختلفة.. واجتاز العميل الدورة بنجاح وهكذا تحول إبراهيم من مواطن مصري إلى عميل إسرائيلي. وعاد إلى بيته محملا بالهدايا الإسرائيلية لزوجته وأولاده..
.. أخضع الجاسوس الجديد لدورة تدريبية مكثفة تعلم أثناءها الكتابة بالحبر السري وتظهير الرسائل.. ووسائل جمع المعلومات ودرب أيضا على كيفية بث الإشاعات والتمييز بين الأسلحة المختلفة.. واجتاز العميل الدورة بنجاح وهكذا تحول إبراهيم من مواطن مصري إلى عميل إسرائيلي. وعاد إلى بيته محملا بالهدايا الإسرائيلية لزوجته وأولاده..
الحياة الجديدة..
دهشت انشراح وسألته عن مصدر النقود.. فهمس لها بأنه تعاون مع اليهود ووعدوه بمنحه التصريح خلال أيام وأعطوه ألف دولار لأنه أرشدهم عن مخبأ فدائي مصري واعترف لها بأنه سيواصل تعاونه معهم لأنه عاطل عن العمل ولأنه يمدهم بمعلومات تافهة لا قيمة لها عن أسعار الخضار والفاكهة..
دهشت انشراح وسألته عن مصدر النقود.. فهمس لها بأنه تعاون مع اليهود ووعدوه بمنحه التصريح خلال أيام وأعطوه ألف دولار لأنه أرشدهم عن مخبأ فدائي مصري واعترف لها بأنه سيواصل تعاونه معهم لأنه عاطل عن العمل ولأنه يمدهم بمعلومات تافهة لا قيمة لها عن أسعار الخضار والفاكهة..
لم تستغرب الزوجة الأمر كثيرا وسرعان ما عانقت زوجها سعيدة بما جلبه لها.. لكنها طلبت إليه أن يطلعها على رسائله أولا بأول.. وأن تقوم بشطب أية معلومات لا داع لإرسالها لهم ووافق الزوج على طلبها فنامت قريرة العين..
في 19 تشرين الثاني من عام 1967 وصل إبراهيم وانشراح إلى القاهرة بواسطة الصليب الأحمر الدولي.. ومنحا سكنا مجانيا في حي المطرية.. وأعيد إلى وظيفته من جديد بعدما نقلت محافظة سيناء مكاتبها من العريش إلى القاهرة..
وبعدما استقرت الأمور قليلا.. انتقل الزوجان إلى حي الأميرية المزدحم وبدأا في جمع المعلومات وتصنيفها وكتابتها بالحبر السري… واعتاد إبراهيم أن يختتم رسائله بعبارة: (تحيا إسرائيل العظمى.. موسى) ولأجل تغطية مهامه التجسسية عمل إبراهيم في تجارة الملابس والأدوات الكهربائية.. كان يتغيب كثيرا عن العمل غالبية أيام الأسبوع ويغدق على زملائه الكثير من الهدايا.. وبغية استثمار هذا الثنائي في أعمال أكثر أهمية قام الموساد باستدعاء الزوجان إلى روما في شهر آب من عام 1968..
الثنائي الجاسوس بين تل أبيب وروما..
وهناك التقيا بمندوب الموساد وتسلما منه وثيقتي سفر إسرائيليتين باسم (موسى عمر ودينا عمر).. وطارا بطائرة العال الإسرائيلية وهبطا في مطار اللد حيث استقبلا بحفاوة بالغة.. وتم استضافتهما بفيلا رائعة في تل أبيب لمدة ثمانية أيام حصلا خلالها على دورة تدريبية مكثفة، ومنح إبراهيم رتبة عقيد في الجيش الإسرائيلي باسم موسى، أما انشراح فقد منحت رتبة ملازم أول باسم دينا، وطلبت الجاسوسة من الموساد زيادة المكافآت لاشتراكها في العمل يدا بيد مع زوجها الجاسوس فكان لها ما أرادت خصوصا وأن الزوجان العميلان قد برعا خلال حرب الاستنزاف (1967 – 1970) في إرسال المعلومات العسكرية الهامة بالوثائق والصور..
.. وتعددت زيارات الجاسوسان إلى روما للقاء ضباط الموساد من جهة ولاستثمار أموال الخيانة من جهة أخرى.. وقد اتفقا أن يوسعا نشاطهما التجسسي فقررا إشراك ولديهما لزيادة الدخل ولم يكن من الصعب تنفيذ ذلك القرار على أرض الواقع.. وهكذا انخرطت الأسرة كلها في التجسس.. وانتقلت إلى فيلا فاخرة بمدينة نصر.. وامتلأ المنزل بالأصدقاء من ضباط وموظفين وطيارين.. الجواسيس الصغار..
وتحول نبيل وعادل ومحمد إلى جواسيس صغار يجمعون المعلومات ويصورون الأماكن العسكرية الحساسة ويكتبون الرسائل بالشيفرة والحبر السري.. وذات مساء بينما هم جميعا أمام التليفزيون.. عرض فجأة فيلم تسجيلي عن أحد الجواسيس الذي انتهى الأمر بإعدامه شنقا.. فانتابتهم حالة رعب وفزع لأسابيع طويلة.. امتنعوا خلالها عن كتابة التقارير أو الرسائل..
ومرض الزوج الجاسوس فاضطرت انشراح للسفر وحدها إلى روما تحمل الكثير من المعلومات والصور الهامة.. ووجدت الجاسوسة في الرحلة فرصة للخروج من أزمتها النفسية السيئة.. وهناك التقت بأبي يعقوب ضابط الموساد الداهية وحكت له معاناتهم جميعا.. فطمأنها الضابط ووعدها بعرض الأمر على الرئاسة في تل أبيب.. وصحبها إلى ناد ليلي وشربت معه حتى الثمالة.. وفي الصباح وجدت نفسها عارية بين أحضانه ليضمن ولائها لإسرائيل..
وفي أواخر شهر أيلول عام 1973 كانت انشراح بمفردها في رحلة أخرى إلى روما.. فاستقبلها أبو يعقوب وغاصت معه مرات ومرات في بحور الرذيلة والحرام.. وفاجأها الضابط الإسرائيلي في أوائل شهر تشرين الأول بنبأ هجوم الجيش المصري والسوري على إسرائيل.. وأن احتمال القضاء على دولة اليهود أصبح وشيكا لكن ذلك لم يحدث.. وفي أبريل 1974 اقترحت انشراح على الأسرة (الجاسوسة) السفر إلى تركيا للسياحة.. وبينما هم في أنقرة اتصل بهم أبو يعقوب وطلب من إبراهيم أن يسافر إلى أثينا لمقابلته. ومن هناك سافر إلى إسرائيل. وفي مبنى المخابرات الإسرائيلية سألوه: كيف لم تتبين الاستعدادات للحرب في مصر؟ فأجابهم أنه لا يعرف.. لأن الكثير من ضباط القوات المسلحة تقدموا بطلبات لزيارة الكعبة للعمرة..!! وبعد اجتماع مطول أخبره قادة الموساد مضاعفة راتبه ووعدوه بمكافأة قدرها مليون دولار إن أرسل لهم موعد حرب قادمة وقرروا تسليمه أحدث جهاز إرسال لاسلكي في العالم يتعدى ثمنه المائة ألف دولار.. لكنه تخوف من حمله معه إلى القاهرة.. فاتفقوا معه على أن يجده مخبئا في مكان حدد له على طريق القاهرة السويس الصحراوي.. الجاسوسة في إسرائيل..
عاد إبراهيم إلى أثينا ثم أنقره حيث تنتظره الأسرة وعادوا جميعا إلى القاهرة وفي المكان المحدد نزلت انشراح من السيارة وبيدها معول صغير.. وظلت تحفر إلى أن أخرجت الجهاز.. وعندما ذهبوا بالجهاز إلى المنزل أراد إبراهيم تجربته بإرسال أولى برقياته فلم يتمكن من إكمال رسالته.. بعدما تبين له أن مفتاح التشغيل أصيب بعطل.. وقررت انشراح السفر إلى إسرائيل لإحضار مفتاح جديد.. وسافرت بالفعل يوم 26 تموز من عام 1974..
فوجئ بها أبو يعقوب ودهش لجرأتها وأقام حفلا ماجنا (على شرفها) ومنحها مكافأة مجزية قدرها 2500 دولار مع زيادة الراتب للمرة الثالثة إلى 1500 دولار شهريا.. إلا أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، فأثناء وجود الجاسوسة في إسرائيل كان زوجها إبراهيم يجرب تشغيل الجهاز فاستطاعت المخابرات المصرية التقاط ذبذبات الإرسال بواسطة اختراع سوفييتي متطور جدا اسمه (صائد الموجات) وقامت باكتشاف أمر الجاسوس واعتقاله في 5 آب من العام 1974 وعثر في بيته على جهاز اللاسلكي ونوتة الشيفرة..
.. وفي 24 آب 1974، وصلت الجاسوسة انشراح موسى إلى مطار القاهرة الدولي قادمة من روما بعد شهر كامل بعيدا عن مصر وفوجئت بأن زوجها لا ينتظرها كالعادة.. واستقلت سيارة أجرة إلى فيلتها الفاخرة لتجد رجال المخابرات المصرية بانتظارها.. وفوجئ ضباط الموساد برسالة أرسلت من المخابرات المصرية بواسطة جهاز الإرسال الذي أعطوه للجاسوسين وكانت تلك الرسالة: (أوقفوا رسائلكم مساء كل أحد.. لقد سقط جاسوسكم وزوجته وأولاده، وقد وصلتنا آخر رسائلكم بالجهاز في الساعة السابعة مساء الأربعاء الماضي)
وفي 25 تشرين الثاني من عام 1974 صدر الحكم بإعدام انشراح وزوجها شنقا، والسجن 5 سنوات للابن نبيل وتحويل محمد وعادل لمحكمة الأحداث.. وتم تنفيذ حكم الإعدام شنقا بالجاسوس إبراهيم سعيد شاهين، الجاسوس الذي ظل يتعامل مع الموساد طوال سبع سنوات.. بتاريخ 16 كانون الثاني عام 1977..
وترددت الأنباء في حينها عن شنق الجاسوسة انشراح موسى أيضا إلا أن صحيفة (حداشوت) الإسرائيلية بعددها الصادر في 26 تشرين الثاني من العام 1989 ذكرت أن الرئيس المصري الراحل أنور السادات قد أنقذها من حكم الإعدام بأمر شخصي منه.. وتمكنت الجاسوسة من العيش بإسرائيل مع أولادها الثلاثة (في صفقة لم تعلن عن تفاصيلها) وحصلوا جميعا على الجنسية الإسرائيلية واعتنقوا الديانة اليهودية.. واستبدلوا أسماءهم العربية بأخرى يهودية فصار اسم شاهين (بن ديفيد) واسم انشراح (دينا بن ديفيد) وعرف عادل باسم (رافي) ونبيل باسم (يوسي) ومحمد باسم (حاييم).. !!
ملاحظة
33- المصدر: بروتوكولات حكماء صهيون وتعاليم التلمود – ص 147
34- ( المصدر: الموساد أفعى الإرهاب الإسرائيلية في العالم – تأليف دنس ايزنبرغ - يوري دان - إيلي لاندو - ترجمة: م. منتجب يونس – د. رفيقة العبد الله – منشورات دار علاء الدين – ط1 /2004 )
35- يعتبر رافي إيتان المسؤول المباشر عن خطف الضابط النازي الألماني أدولف إيخمان من الأرجنتين عام 1960 الذي حوكم في إسرائيل وأعدم في سجن الرملة بتاريخ 31/5/ 1962.. ويتباهى إيتان بقتله العشرات من خصومه في أنحاء مختلفة من العالم بإطلاق الرصاص أو الخنق أو الطعن أو الضرب على الرأس.. وعندما اغتيل سلامة كان إيتان يشغل منصب المستشار الشخصي لشؤون الإرهاب لرئيس وزراء الكيان (منحيم بيغن)، وكان إيتان قد زار بيروت منتحلا شخصية رجل أعمال يوناني لمراقبة سلامة ورصد تحركاته وعندما عاد إلى تل أبيب أرسل ثلاثة من رجاله إلى بيروت قام أحدهم باستئجار سيارة والثاني فخخها بالمتفجرات والثالث أوقفها على الطريق.. وكان بيغن قد قرر استبقاء إيتان في منزله بعيدا عن العمل الميداني لأنه (أثمن) من أن يخاطر به مرة أخرى !!
36- المصدر: المرأة اليهودية بين فضائح التوراة وقبضة الحاخامات – ص 216
37– المصدر السابق – ص 220
38- المصدر: مجلة فلسطين - 20 / 4 / 2004
39- القصة الكاملة للجاسوسة أمينة المفتي نشرت كاملة في مجلة فلسطين (الإلكترونية) – بقلم الكاتب المصري فريد الفالوجي /بتاريخ 30/8/2004
40- قصة الجاسوسة نشرت بالكامل على موقع مجلة فلسطين الإلكتروني بقلم الكاتب المصري فريد الفالوجي - بتاريخ الثلاثاء 20 نيسان 2004
0 Comments:
Post a Comment
<< Home