هموم: احتفال السفارة الإسرائيلية في عمان
كان رائعاً أن يقام احتفال السفارة الإسرائيلية في عمان بذكرى تأسيس الدولة العبرية في مقر إقامة السفير وليس في أي فندق من فنادق العاصمة ، وذلك بعد رفض هذه الأخيرة إقامة الاحتفال في صالاتها ، الأمر الذي انسحب على المطاعم التي رفضت بدورها تقديم الطعام ، ما حدا بالسفارة إلى جلبه من الدولة العبرية.
ينسحب ذلك على الحضور في احتفال هذا العام ، إذ اقتصر على أعداد قليلة من المشاركين ، فيما كان أغلب الحاضرين من أعضاء السلك الدبلوماسي الأجنبي ، خلافاً لسنوات سابقة ، أكان من حيث الحضور ، أم من حيث المكان والخدمات.
نحتفل بهذا الخبر رغم علمنا بأن الأوساط الرسمية ربما لعبت دوراً في هذا الذي جرى ، وذلك كنوع من الرد على التسريبات الإسرائيلية بشأن مواقف المملكة من قضية اللاجئين وقضايا التسوية عموماً ، إلى جانب جملة المواقف الأخرى التي تحرج معسكر السلام العربي ولا تمنحه فرصة ترويج أي من نظرياته السياسية.
لا شك أننا نتمنى لو لم تكن هناك أية سفارة إسرائيلية: لا في عمان ولا القاهرة ولا نواكشوط ، فهذا الكيان الغاصب لا يستحق من الأمة غير الحصار والحرب ، وليس إقامة العلاقات الدبلوماسية مهما كان مستواها.
أياً يكن الأمر ، فما جرى يستحق الاحتفال ، وهو تعبير حقيقي عن ضمير الشعب الأردني ومواقفه السياسية الرافضة لأي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني ، وحين يخجل المطبعون ، باستثناءات محدودة ، من نسبتهم إلى قوائم المطبعين ، فإنما يعني ذلك إدراكهم لحقيقة أنهم يرتكبون إثماً يستحق الإخفاء ، وليس موقفاً يستحق المجاهرة والإعلان.
ما جرى بيننا وبين الدولة العبرية إلى الآن لا يستحق أن يسمى تسوية ، فالمخاطر التي يشكلها هذا الكيان على بلدنا لا تخفى على أحد ، وحين يتحدث المحتلون عن الدولة المؤقتة على قطاع غزة وما يتركه الجدار من الضفة الغربية ، فإنما يعلنون الحرب علينا حيث يفرضون بالضرورة شكلاً من أشكال الترانسفير على الفلسطينيين نحو الأردن.
لا يخجل هؤلاء المحتلون من أن يقيموا احتفالاً بإعلان دولتهم في بلد يستضيف العدد الأكبر من اللاجئين الذين كان الإعلان المذكور عنواناً لتشريدهم من أرضهم وسرقة ممتلكاتهم ، وحين يعبرون عن سخطهم من ممارسة من النوع الذي صدر عن الفنادق والمطاعم الأردنية ، فإنما يضيفون وقاحة أخرى إلى وقاحتهم كمحتلين مغتصبين لأرض غيرهم.في هذا البلد ، وكما في كل أركان العالم العربي والإسلامي رفض عارم للتطبيع مع الكيان الصهيوني ، وقد رأينا في موريتانيا ، ذلك البلد الفقير عشرات المسيرات المنددة بالتطبيع ، كما رأينا لجاناً لمقاومته في المغرب وتونس والخليج والدول العربية والإسلامية ، فضلاً عن مصر والأردن.
إننا نتمنى أن يتكرر موقف هذا العام خلال الأعوام القادمة ، ونتمنى أن لا نسمع عن احتفال للسفارة الإسرائيلية في أي من فنادقنا ، فعلى هذه الأرض الطيبة شعب عظيم يرفض التعامل بود مع من يحتلون أرضه ويشردون شعبه. ونقول شعبه لأن شعوبنا شعب واحد ، وأمتنا أمة واحدة رغم تقسيمات سايكس بيكو.
ياسر الزعاترة/ الدستور
0 Comments:
Post a Comment
<< Home